«هاجم عضو مجلس الشعب السابق محمد أبو حامد مشروع قانون السلطة القضائية الذى يقضى بخفض سن تقاعد القضاة من سبعين عاما إلى ستين عاما، معتبرا موافقة اللجنة التشريعية بمجلس الشورى على المشروع محاولة من جماعة الإخوان لتفريغ السلطة القضائية من شيوخها وتصعيد قضاة موالين للجماعة، محذرا من أن الشعب المصرى لن يترك سدنة العدالة فى المعركة التى تستهدف استقلال القضاء».
ما بين الأقواس تصريحات أدلى بها النائب محمد أبو حامد فى إبريل 2013، بعد اجتماع مع عدد من السياسيين وقادة جبهة الإنقاذ، تعقيبا على محاولة الأغلبية الإخوانية بمجلس الشورى تمرير مشروع لتعديل قانون السلطة القضائية.
«تقدم النائب محمد أبو حامد، بطلب لمجلس النواب لتعديل قانون السلطة القضائية لخفض سن معاش القضاة إلى 60 عاما، وقال إنه سيعرض التعديلات التى قام بإعدادها بشأن المادة ٦٩ من قانون السلطة القضائية على ائتلاف دعم مصر الأسبوع المقبل، ليتم مناقشتها داخل الائتلاف، ثم يتم التقدم بها إلى البرلمان قريبا».
الفقرة السابقة خبر جديد تم تداوله فى وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية.. لا تتعجب فأبوحامد الذى هاجم تعديلات الإخوان على قانون السلطة القضائية هو ذاته أبو حامد الذى قدم نفس التعديلات وطرح نفس المبررات التى دافع بها صديقه النائب السابق عصام سلطان عن مشروع القانون الإخوانى، حيث اتفق الاثنان فى زمنين مختلفين ومع نظامى حكم متضادين على أنه «يجب إتاحة الفرصة لتصعيد شباب القضاة وأن مهنة القاضى قاسية مضنية ومن الصعب أن يمارسها من تجاوز الستين عاما».
أبو حامد الذى لعب منذ ثورة يناير وحتى هذه اللحظة عدد من الأدوار المتباينة، وتعاون مع أحزاب وجهات مختلفة لم يطرح تعديلاته الأخيرة إلا بهدف جر القضاة إلى معركة جانبيه بهدف تشتيتهم عن المعركة الأساسية وهى تعديل قانون رؤساء الهيئات القضائية الذى قدمه صديقه النائب الشريف ووافق عليه المجلس الموقر الإثنين الماضى.
أبوحامد الذى كان من أعلى الأصوات المرددة لشعارات «يسقط حكم العسكر» و«محاكمة المجلس العسكرى»، يعرف تماما أن مشروع القانون الذى تقدم به غير دستورى ويصطدم مع مبدأ تضمنه حكم للمحكمة الدستورية صدر فى 2002 بعدم دستورية تعديل قانون الجامعات لعام 2000 والذى أنهى خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين فور صدوره، بحسب حيثيات حكم لـ«الدستورية» نشره زميلنا محمد بصل فى إبريل 2013، لكن النائب المتقلب أراد إلهاء القضاة والمتضامنين معهم عن معركة قانون «الهيئات القضائية» الذى تجاوز مبدأ الأقدمية المعمول به وأعطى الحق لرئيس الجمهورية ولأول مرة فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ما يعنى حرفيا هيمنة رأس السلطة التنفيذية على القضاء.
الجهات التى لعب لها النائب بطل مسرحية «ضرب الثوار بالخرطوش» تحت قبة البرلمان فى 2012، وضعت خطة لتفويت الفرصة على تولى قضاة بعينهم رئاسة هيئات قضائية رئاسة ، استخدمت فيها ترزية القوانين ، ورفعت سيف «الصلاحية والتأديب» على قضاة آخرين لإرهاب من قبض على جمر الاستقلال.
تفصيل قوانين بغرض عزل أو إقصاء كل من يتجرأ ويعلن تمسكه باستقلاله ويرفض السير فى ركاب القطيع لن يضرب فى شرعية نظام الحكم فقط بل سيعرض المجتمع كله إلى هزات عنيفة لا يعرف أحد مآلاتها.
تحرش نظام مبارك بالعدالة وأهدر الأحكام القضائية وأحال قضاة إلى «الصلاحية» فكتب نهايته بيده وسقط فى 25 يناير.. تحرش الإخوان بالقضاء وحاصروا المحاكم ومنعوا القضاة من ممارسة عملهم فنالوا نفس جزاء «المخلوع» فى 30 يونيو.
لم يتعلم النظام الحالى شيئا من دروس الماضى، ومضى على طريق السلف السيئ فى العبث باستقلال القضاء وتخيل أنه محصن من مصير الأسلاف .