عواصف النار! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 12 أبريل 2025 9:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

عواصف النار!

نشر فى : الجمعة 11 أبريل 2025 - 7:35 م | آخر تحديث : الجمعة 11 أبريل 2025 - 7:35 م

 

تمر المنطقة حاليا بأخطر مراحلها منذ بدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة فى أكتوبر من العام قبل الماضى، حيث يجرى - فى ظل فائض من عواصف النار والقوة والعنف - رسم خرائط جديدة لها، وتقاسم غنائم وتحديد مناطق نفوذ فيها لصالح لاعبين من داخل الإقليم وخارجه.

تغيير الخرائط بالنار يظهر بوضوح فى قطاع غزة، حيث لم يكتف جيش الاحتلال الصهيونى، المدعوم أمريكيا وغربيا، بتدمير كل مظاهر الحياة فى غزة، وارتكاب العديد من مجازر الإبادة الجماعية، التى أدت إلى استشهاد ما يزيد على ٥٠ ألف فلسطينى وإصابة أكثر من ١٢٠ ألفا آخرين منذ هجوم «طوفان الأقصى»، وإنما عمد إلى تقطيع أوصال القطاع وتضييق الخناق على سكانه ومنع الغذاء والدواء عنهم، لدفعهم إلى النزوح القسرى، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد.

ليس هذا فقط، بل إن الاحتلال الصهيونى يستعد لضم منطقة رفح، التى تشكل خُمس أراضى قطاع غزة لتصبح ضمن المنطقة العازلة التى يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها، وفقا لما ذكرته صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، التى أضافت أنه «بموجب ضم مدينة رفح والأحياء المجاورة للمنطقة العازلة لن يسمح جيش الاحتلال لسكانها بالعودة إليها أبدا، فيما يتم تدمير جميع منازلها التى كانت تؤوى حوالى 200 ألف فلسطينى قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع».

واشنطن الداعم الأكبر عسكريا وسياسيا واقتصاديا للجرائم التى ترتكب على أرض القطاع منذ ١٧ شهرا، تسعى من جانبها إلى استغلال عواصف النار المنتشرة فى الإقليم، على نحو يسمح لها بإعادة رسم وتشكيل خرائط جديدة للمنطقة، للحفاظ على مصالحها ومضاعفة مكاسبها، وفى الوقت ذاته تحقيق أكبر قدر من الاستفادة للحليف الصهيونى، عبر تأييد خططه لتهجير سكان غزة إلى الخارج، والضغط بقوة على الدول العربية لإقامة علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال، حتى من دون التوصل إلى حل جذرى للقضية الفلسطينية.

وفى هذا السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «الإدارة الأمريكية تعمل خلف الكواليس على إنتاج صفقة جديدة للإفراج عن الأسرى وإنهاء حرب غزة، والتى ستكون جزءا من خطة الرئيس ترامب الشاملة للشرق الأوسط، والتى تهدف إلى دفع التطبيع مع السعودية فى نهاية المطاف».

نتائج هذا التوجه ظهرت مبكرا فى مناورات «إنيوخوس 2025» الجوية، التى جرت مؤخرا فى قاعدة «أندرافيدا» باليونان، والتى شاركت فيها العديد من الدول من بينهما دولتان عربيتان، أحدهما تتمتع بخطاب إعلامى حاد تجاه جرائم التجويع والإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، وهو ما يمثل تناقضا صارخا للغاية، بين ما تردده تلك الدولة على الشاشات وبين ما تمارسه على أرض الواقع!.

عواصف النار التى هبت على غزة، لم تتوقف عند حدود ذلك القطاع الصغير المحاصر، بل امتد تأثيرها ولهيبها إلى دول الجوار خصوصا سوريا.. فبعد تقليم أظافر حلفاء دمشق القدامى (إيران وحزب الله) خلال الحرب على غزة، وسقوط نظام الأسد القمعى، بدا ذلك البلد العربى المهم، فريسة سهلة لأطماع إسرائيل وتركيا اللتين سارعتا إلى الاتفاق على تحديد مناطق النفوذ والسيطرة والتحكم لكل منهما، تحت عنوان براق مضمونه «إنشاء آلية لمنع حصول حوادث غير مرغوب بها فى سوريا بين الطرفين»، وفى ظل مباركة أمريكية صريحة، عبر عنها ترامب بقوله: «أبلغت الرئيس التركى تهانينا.. لقد فعلت ما عجز عن فعله الآخرون على مدى ألفى عام.. لقد أخذت سوريا مهما تعددت أسماؤها تاريخيا.. عبر وكلائك»، مشيرا إلى أنه «أبلغ نتنياهو أن على الإسرائيليين التصرف بعقلانية لحل أى مشكلة مع تركيا»!.

الرياح المواتية فى الشرق الأوسط جراء العدوان على غزة تنذر بانتقال عواصف النار إلى إيران لإنهاء برنامجها النووى. ترامب قال إن العمل العسكرى ضد إيران «ممكن تماما»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووى وفى حال رفضت طهران وقف جهود تطوير برنامجها النووى فإن ذلك قد يعقبه عمل عسكرى، وإذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا فسيكون هناك تدخل عسكرى، وإسرائيل بطبيعة الحال ستكون مشاركة بقوة فى ذلك، وفى مركز القيادة».

هذا التهديد الأمريكى الصريح لا يستهدف فقط تحجيم إيران داخل حدودها، ولكن ضمان عدم تدخلها لعرقلة الخرائط والتصورات الجديدة التى يجرى إعدادها للمنطقة، وتكون إسرائيل فيها القوة المهيمنة، وبالتالى يجب على الدول العربية مجتمعة وليس منفردة، الانتباه جيدا لما يتم تخطيطه حاليا، حتى تحمى نفسها من عواصف النار، التى قد تحرق استقرارها وأمنها القومى وتنال من حقوقها ومصالحها الاستراتيجية المشروعة.

التعليقات