رسائل الجولاني الخاطئة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أبريل 2025 3:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

رسائل الجولاني الخاطئة!

نشر فى : الجمعة 20 ديسمبر 2024 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 20 ديسمبر 2024 - 7:20 م

 الإطلالات المتكررة لقائد سوريا الجديد أحمد الشرع، سواء فى وسائل الإعلام العربية أو الغربية، تضمنت رسائل طمأنة للداخل والخارج، بخلعه عباءة التطرف المتمثلة فى شخصية «أبو محمد الجولانى»، لكنه فى غمرة انهماكه بتقديم وتسويق نفسه كزعيم معتدل يمد يده إلى الجميع، وجه رسالة خاطئة للغاية إلى القاهرة، تمثلت فى استقباله مصريًا مدانًا بالإرهاب ومطلوبًا للعدالة فى البلاد!!.

المصرى المقصود هو محمود فتحى، المدان فى عدة قضايا تتعلق بأنشطة إرهابية، ومحكوم عليه بالإعدام فى قضية مقتل النائب العام هشام بركات، كأحد المخططين والمحرضين على الجريمة من الخارج، وبالتحديد من تركيا حيث يقيم فيها منذ العام ٢٠١٣، بعد إزاحة حكم جماعة الإخوان فى مصر، كما أن الحكومة المصرية أدرجته على قوائم الإرهاب، وطلبت من الإنتربول الدولى ملاحقته، فيما رفضت أنقرة تسليمه إلى مصر.

اللقاء الذى جمع الشرع وفتحى فى دمشق، حضره أيضًا ياسين أقطاى، مستشار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، بشأن المغزى والدلالات والرسائل التى تريد القيادة الجديدة فى سوريا وداعمها التركى، توصيلها إلى القاهرة فى هذه المرحلة، التى تشهد أيضًا تحركًا تركيًا مثيرًا للقلق والريبة فى الفناء الخلفى للمصالح الاستراتيجية لمصر سواء فى الصومال أو السودان، على الرغم من سعى أنقرة خلال الفترة الماضية إلى طى صفحة الخلافات وتطبيع العلاقات مع الدولة المصرية.

ليس من مصلحة سوريا فى هذه المرحلة، استعداء مصر أو أى دولة عربية أخرى، عبر فتح أبوابها أمام المتهمين فى دولهم بالإرهاب، أو المطلوبين للعدالة فى بلادهم، كما أنه ليس من مصلحة الحكم الجديد فى سوريا، إيواء كل هؤلاء المتطرفين من مختلف الدول العربية والآسيوية، حتى لا تتحول بلاده إلى أفغانستان جديدة، تهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة، وبالتالى سيكون المتضرر الأكبر هو وحدة سوريا واستقرارها، وكذلك شعبها الذى يتطلع إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة تعلى من شأن القانون والحقوق والحريات، بعد عقود من المعاناة والظلم تحت حكم «آل الأسد» الاستبدادى والطائفى والدموى.

بنفس المقدار أيضًا ليس من مصلحة تركيا على الإطلاق، استخدام أدواتها فى المنطقة، لتوجيه رسائل خاطئة لمصر، تستهدف من ورائها الحصول على مباركتها، أو على الأقل شراء صمتها وعدم اعتراضها على تحقيق أطماعها فى السيطرة والاستحواذ على دولة عربية كبيرة ومهمة للأمن القومى العربى مثل الدولة السورية.

لكن يبدو أن حسابات الجولانى وتركيا خاطئة مثل رسائلهما، فالموقف المصرى لم يتغير منذ سقوط نظام بشار الأسد، ويتمثل فى «الدعم التام لوحدة واستقرار سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وكذلك الدعم لكل جهد يسهم فى إنجاح العملية السياسية الشاملة فى سوريا، بمشاركة الشعب السورى بكل مكوناته وشرائحه، ودون إملاءات أو تدخلات خارجية»، مثلما أكد الرئيس السيسى فى كلمته أمام مؤتمر الدول الثمانى النامية، الذى استضافته العاصمة المصرية الخميس الماضى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن «مصر تتمسك دائمًا بعدم التدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة، وتدعو للحفاظ على وحدة وسلامة أراضى الدول العربية الشقيقة وكياناتها ومؤسساتها من الانهيار، كما أنها تبتغى حسن الجوار مع كل جيرانها وأشقائها من الدول العربية»، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولى الأربعاء الماضى.

هذه المواقف الهادئة والعقلانية للقاهرة، ربما تشهد تغيرا كبيرا خلال الفترة المقبلة، خصوصا بعد لقاء دمشق الثلاثى بين الشرع وأقطاى والمصرى المتهم بالإرهاب؛ حيث لا يمكن لمصر القبول بتحول سوريا إلى نقطة تجمع وانطلاق للعناصر التى تهدد أمنها واستقرارها والمتورطة فى ارتكاب جرائم إرهابية على أراضيها، بل إن الكثير من العواصم العربية فى الوقت الراهن، يرتفع لديها منسوب القلق جراء أن تصبح سوريا مركزًا لإيواء المتطرفين والمتشددين فى المنطقة، لاسيما مع إعلان الجولانى أن «المقاتلين الأجانب الذين ساعدوا فى الإطاحة بالحكومة السورية السابقة، قد يسمح لهم بالحصول على الجنسية السورية»، وهو ما يعمق المخاوف من إمكانية استخدامهم من قبل أطراف إقليمية لتهديد الاستقرار والأمن فى المجتمعات العربية.

التعليقات