التهجير.. والانفجار المرتقب! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 1 فبراير 2025 1:38 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

التهجير.. والانفجار المرتقب!

نشر فى : الجمعة 31 يناير 2025 - 7:10 م | آخر تحديث : الجمعة 31 يناير 2025 - 7:10 م

إصرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على أن مصر والأردن سيستقبلان سكان غزة، رغم رفض البلدين الواضح والمعلن لخطة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، يؤشر إلى أن المنطقة مقبلة على انفجار هائل لا محالة، وربما تكون تداعياته أكثر حدة وقوة وقسوة مما حدث عقب هجوم «طوفان الأقصى» العام قبل الماضى.
فالموقف المصرى ضد محاولات اللعب فى خرائط المنطقة، وإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، كان واضحًا للغاية منذ اليوم الأول للعدوان الصهيونى على قطاع غزة، الذى استمر ١٥ شهرًا، وأسفر عن سقوط نحو ١٥٠ ألف شهيد وجريح، فضلا عن تدمير القطاع وتحويله إلى منطقة غير صالحة للحياة.
لكن هذا الموقف ازداد وضوحًا وقوة وصلابة، عقب توقف العدوان على غزة، ودخول ترامب على الخط محاولاً منح الكيان الصهيونى ما عجز عن تحقيقه بالقوة العسكرية الهائلة فى حرب الإبادة والتطهير العرقى ضد الفلسطينيين؛ حيث أكد الرئيس السيسى الأسبوع الماضى، أن «ترحيل وتهجير الشعب الفلسطينى ظلم لا يمكن أن نشارك فيه»، مشيرا إلى أن «ما يتردد حول تهجير الفلسطينيين لا يمكن أبدًا التساهل أو السماح به لتأثيره على الأمن القومى المصرى»، مشددًا على أنه لا يمكن أبدًا التنازل عن ثوابت الموقف المصرى التاريخى للقضية الفلسطينية، فهناك حقوق تاريخية لا يمكن تجاوزها.. والرأى العام المصرى والعربى والعالمى يرى أن هناك ظلمًا تاريخيًا وقع على الشعب الفلسطينى طوال 70 عامًا، مشيرًا إلى أن «ما يحدث منذ 7 أكتوبر وحتى الآن هو نتيجة لتداعيات عدم التوصل إلى حل القضية الفلسطينية».
الرفض المصرى للإصرار الأمريكى على مخطط تهجير الفلسطينيين، يستهدف فى الأساس الأول منع تصفية القضية الفلسطينية كمكافأة للكيان الصهيونى، الذى يحتل الأرض العربية منذ عقود، ويشرد الملايين من الفلسطينيين فى الشتات، فضلا عن إدراك القاهرة أن هذا المخطط -حال تم تنفيذه- فسيمثل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار الإقليميين، ويخلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى فى المنطقة هى بالتأكيد فى غنى عنه، خصوصا وأنها لا تحتاج إلى مزيد من صب الزيت على النار المشتعلة بالفعل فى العديد من أرجائها.
لكن كيف يمكن للقاهرة إفشال مثل هذا المخطط، حال مضت الولايات المتحدة فى تنفيذه، مستخدمة ضغوطًا دبلوماسية وسياسية وتهديدات اقتصادية بتجفيف منابع المساعدات والتمويلات المالية والاستثمارية الخارجية؟.. بالتأكيد مصر ليست دولة صغيرة يمكن لى ذراعها أو ابتزازها لدفعها نحو قبول مخطط تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، وتستطيع التصدى له وإفشاله، بالكثير من الوسائل والأدوات التى تملكها، وأهمها على الإطلاق التماسك الداخلى ودعم الموقف الرسمى للدولة المصرية ضد الضغوط الخارجية الهادفة إلى تمريره، وإدراك الشعب المصرى خطورة مثل هذه المشاريع المطروحة أمريكيا على الأمن القومى والاستقرار الاجتماعى فى البلاد.
كذلك يمكن للقاهرة استغلال علاقاتها الدولية سواء فى الأمم المتحدة، أو مع دول الاتحاد الأوروبى أو روسيا وغيرها، لبناء قاعدة رفض دولية كبيرة لدعمها فى التصدى لهذا المخطط الذى يهدد الاستقرار الإقليمى، وهذا الأمر يتطلب بلاشك مساندة عربية سياسية واقتصادية لدعم الموقف المصرى والأردنى.
مصر بلاشك قادرة على الدفاع عن حقوقها ومصالحها، لأن لديها جيشا وطنيا قويا يمكن أن اللجوء إليه فى آخر المراحل حال تم فرض مخطط التهجير عليها، لكننا نستبعد أن يصل الأمر إلى هذا الحد، لاسيما وأن المنطقة لا تتحمل انفجارًا جديدًا قد تصيب شظاياه الجميع.
أخيرًا.. فإن الرهان الأساسى على الشعب الفلسطينى المتمسك بأرضه وترابه وحقوقه، وهو ما ظهر للعالم أجمع فى مشهد عودة النازحين إلى ركام منازلهم المدمرة فى شمال قطاع غزة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة وجيش الاحتلال الصهيونى.. فهذا المشهد يؤكد بلاشك إصرار الفلسطينيين على التمسك بأرضهم وعدم السماح بحدوث نكبة ثانية مثلما حدثت فى عام ١٩٤٨.

التعليقات