صباح بعد غد الأحد يعقد المجلس القومى لحقوق الإنسان حلقة نقاش بمقره حول «دور الأحزاب السياسية فى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان». يتحدث فى تلك الحلقة التى تفتتح أعمالها أمينة عام المجلس مشيرة خطاب، ثلة من المتخصصين وقادة الرأى والحزبيين.
ووفقا لموضوع الحلقة فإن الحديث سوف يجرى حول أمرين أساسيين هما «دور الأحزاب فى نشر ثقافة حقوق الإنسان» وكذلك «الرقابة الشعبية والدور المجتمعى للأحزاب فى متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان». وتنتهى الحلقة بمجموعة من التوصيات والمقترحات.
وقبل الحديث عن موضوع الحلقة النقاشية، يجب الإقرار أن حال ووضع الأحزاب المصرية يحتاج فى الوقت الراهن إلى مراجعة شاملة، فهى تتسم بالكثرة التى لا تتناسب على الإطلاق مع عدد القضايا المختلف عليها، صحيح أن أحدا من الحقوقيين وقادة الرأى والمهتمين بالشأن السياسى لا يمكن أن يقيد حركة تأسيس الأحزاب، لكن المقصود والمهم هو تشجيع الأحزاب ذات التوجه المشترك على الاندماج فيما بينها، داخل التيارات الأربعة القائمة فى المجتمع وعلى أرض الواقع، شئنا أو أبينا، وهى اليمين واليسار والإسلامى والوسط.
الأمر الثانى، وقبل التطرق لموضوع الحلقة، أنه من المهم أن نلتفت لحال الأحزاب فى إطار التعددية الحزبية الثالثة التى بدأت فى 11 نوفمبر 1976 وما زالت قائمة حتى اليوم، وهو حال يفتقد إلى التواجد المجتمعى، أو التواجد فى الشارع، حتى إن المواطن العادى لا يستطيع أن يعدد اسم 5 أحزاب ضمن ما يربو من 100 حزب قائم اليوم.
الأمر الثالث، هو أن وجود الأحزاب ككيانات سياسية معتبرة وذات شأن، يحتاج إلى أن تكون ذات فاعلية من حيث الدور والمهام داخليا وخارجيا. داخليا بمعنى أن تتمتع الأحزاب بالتنظيم الجيد، وتعقد دورات اجتماعاتها بشكل منتظم، ولها تسلسل هرمى معتبر، وتخضع ككيان سياسى لقواعد الحوكمة المعترف بها، ما يجعلها تلقى احتراما من قبل أعضائها خاصة ومن قبل الشارع عامة. وفوق ذلك لها تمويل خاص، وقواعد ديمقراطية سواء لإعمال صنع القرار أو اختيار قياداتها. أما الفاعلية من المنظور الخارجى، فتعنى أن تكون الأحزاب حرة فى عملها، بحيث لا تقيد بأية قيود تحد من نشاطها أو حركاتها الدستورية والقانونية فى الشارع، بما يشمل أماكن الإنتاج أو الجامعات. ولا شك أن واحدا من أبرز القيود الخارجية على حركة الأحزاب المصرية هو النظام الأغلبى المعمول به حاليا، سواء بالأسلوب الفردى أو القائمة المطلقة، والذى يمنع الأحزاب من أن تكون رقمًا فاعلا وربما وحيدًا فى الانتخابات النيابية.
من هنا يمكن للأحزاب أن تبدأ فى أن يكون لها دور فى مسيرة العمل السياسى الوطنى عامة، وفى تنفيذ استراتيجية حقوق الإنسان خاصة، وهذا الدور سيكون مشروطًا بعدة شروط:ــ
أولا: أن تكون كافة الأحزاب على قدر المساواة أمام الناس، بمعنى أن مقدرات الدولة الذاتية لا يجب أن تسخر لمصلحة حزب معين، ما يجعل المنافسة بين الأحزاب شائهة وغير ذات جدوى، كما هو حادث الآن.
ثانيًا: أن تنأى الأحزاب ذات التوجه الدينى عن تسخير الدين فى العمل السياسى، حتى تكون الأحزاب على قدر المساواة فى التعامل مع الشارع خاصة فى مسألة جذب العضوية والتأييد إبان الانتخابات.
ثالثًا: أن تتمسك الأحزاب بخطى العملية الديمقراطية على الصعيد الداخلى إذ إنه ليس من المجدى، ولا من أسس الثقة بينها وبين الناس، وبينها وبين النظام الحاكم، أن تشكو الأحزاب من حال النظام السياسى ديمقراطيًا، ثم تعجز هى عن إعمال قواعد الشفافية والانتخاب الحر والنزاهة وحرية الرأى داخلها.
رابعًا: أن يكون التمييز بين الأحزاب السياسية فقط على أساس شعبيتها المرتبطة بصناديق الانتخاب، وحجم تمثيلها فى المجالس النيابية، وفق نظام انتخابى نسبى معتبر.
خامسا: أن تسعى الأحزاب إلى تفعيل الأطر التشريعية الداعمة لنشاطها عامة وحركتها فى مجال حقوق الإنسان خاصة. وفى هذا الصدد عليها أن تنشط فى طرح رؤاها بجميع السبل لتعديل كل ما يتعلق بشأنها وعلى رأس ذلك قانونها، وقانون الانتخاب، وقانون مباشرة الحقوق السياسية.
سادسا: فى مجال حقوق الإنسان على الأحزاب أن تنشط وتجتهد، بالتعاون مع عديد الجهات المعنية بالشأن السياسى والحقوقى، كمجلس حقوق الإنسان (دائم) ومجلس أمناء الحوار الوطنى (مؤقت) لتقديم رؤى بشأن دعم حرية الرأى والتعبير ومسيرة العمل الديمقراطى، وعلى رأس ذلك تعديل كافة القوانين المتصلة بالحبس الاحتياطى، وحماية الشهود، ومنع الاحتكار، ومنع ندب القضاة لجهات غير قضائية، وتنظيم السجون، والتظاهر السلمى، وقوانين العمل والمجتمع المدنى والحريات النقابية.