2021.. عام محاربة «النسوية» - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

2021.. عام محاربة «النسوية»

نشر فى : الأحد 2 يناير 2022 - 8:15 م | آخر تحديث : الأحد 2 يناير 2022 - 8:15 م
نشر موقع درج مقالا للكاتبة ميسا العمودى، تناولت فيه أشكالا متنوعة من مظاهر العنف والإخفاء القسرى، ومراقبة الهواتف، وتسلط الجاهلين والجاهلات من أهل الفن والإعلام على الفكر النسوى.. نعرض منه ما يلى:
خلال سنوات الدراسة الابتدائية فى السعودية، كانت لدينا مادة خاصة فى صفوف البنات تعرف باسم «التربية النسوية»، وكنا نختصرها بحصة «النسوية»، سميت لاحقا بالتدبير المنزلى إلى أن استبعدت من الصفوف الدراسية ويبدو أنها عائدة قريبا. كان هدف المادة إرشاد الفتاة فى سن بلوغها إلى تنمية مهاراتها المنزلية، كالطهى والتنظيف والحياكة وما إلى ذلك، أى إعدادها للمنزل والزواج. كانت تلك هى «النسوية» التى عرفتها فى صغرى، ثم كبرتُ ونسيتُ أن أنسى كما تقول الكاتبة بثينة العيسى.
كبرتُ وأنا أطرح الأسئلة على من حولى: لماذا «لهم» وليس «لهن»، ولماذا «بإمكانه» وليس «بإمكانها»، كانت الأسئلة واضحة أمامى لكننى لم أجد لها غطاء يسميها ويحتويها. كل ذلك كان فى وقت نتابع فيه الصراعات الذكورية الاجتماعية من حولنا، وخلافات الرجال بين من يدّعى الليبرالية وآخر يرتدى عباءة الحلال والحرام، والرابط المشترك بينهم.. نحن النساء!
وبعد كل ما مررنا به كنساء وفتيات نسأل عن أبسط أشكال حقوقنا، انتقلنا خلال السنوات الأخيرة من تلك المعارك الاجتماعية التى قادت بعضنا إلى السجون أو توقيع التعهدات على أقل تقدير نتيجة شيطنة سياسية للفكر النسوى وممارساته، وعندما يبلغ الأمر ذلك فإن السهام قد تكون حامية وأكثر حدة.
فى العام 2021 واجهت الناشطات أشكالا متنوعة من مظاهر العنف والإخفاء القسرى، ومراقبة الهواتف، وتسلط الجاهلين والجاهلات من أهل الفن والإعلام على الفكر النسوى، وحلقات ذكورية ناقشت خطر النسوية على المجتمع فى سبيس ــ تويتر وكلوب هاوس، كما شهد العام رحيل النسوية الأبرز عربيا نوال السعداوى.
شهد العام المنصرم العديد من الأحداث المثيرة والمفاجئة فى بعض الأحيان تجاه ناشطات نسويات وتجاه الفكر النسوى بشكل عام، خاصة بعد بروز النشاط النسوى والذى صاحب القضية الفلسطينية ودافع عنها وسط تقلبات السياسة تجاهها فى المنطقة.
فى العراق والكويت وقفت النسويات العربيات إلى جانب ضحايا العنف العديدة وعلى رأسها حادثة مريم التى أحرق وجهها شاب بمادة الأسيد لرفضها الزواج منه، وفرح أكبر التى هز مقتلها الكويت إلى أن حَكم القضاء بإعدام الجانى، وغيرهن ممن قُتلن بدم بارد نتيجة ذكورية مجتمعات تحميها بعض ثغرات القانون والأفكار العشائرية.
وبعد أن غيّب الموت ناشطة نسوية تدعى آلاء الصديق فى حادث سير فى بريطانيا مقر إقامتها، كشفت تقارير لاحقا عن تعرض هواتفها النقالة إلى اختراقات باستخدام برنامج «بيغاسوس» الإسرائيلى للتجسس، أما نوف المعاضيد القطرية فما زالت لغز عام ٢٠٢١ المجهول، إذ انقطعت سبل التواصل معها منذ عودتها من مقر إقامتها فى لندن إلى قطر، وتضاربت الأنباء بين حقيقة مقتلها على أيدى أفراد من أسرتها أو وجودها فى مصحة عقلية. فى السعودية جرى الإفراج عن آخر دفعة من النسويات اللواتى اعتقلن فى العام 2018، لكنهن لا تزلن تحت قيود منع مغادرة البلاد.
ويبدو أن عام 2021 أبى أن يغادرنا من دون أن «يرشّ» علينا المزيد من البهارات الذكورية المضحكة المبكية، مثل ما حدث فى البرلمان الأردنى من معارك حامية وملاسنات خلقت حديثا لا يُمل منه فى مواقع التواصل الاجتماعى، نتيجة اعتراض بعض النواب على إضافة كلمة «الأردنيات» فى التعديلات الدستورية المقترحة، فضلا عن إعلان شركة سيارات فرنسية ظهر فيه مغنٍ عربى شهير وهو يرتكب مخالفة نسوية واضحة تندرج تحت طائلة التحرش، الملف الأبرز الذى تطالب النسويات بتجريمه وسن عقوبات صارمة ضده فى أروقة قضائنا العربى، وذلك فى مشهد يقوم فيه المغنى بتصوير فتاة تعبر الشارع دون علمها أو موافقتها، ما أساء إلى التقنية المفيدة فى السيارة بدلا من جعلها ميزة، واعتذرت الشركة لاحقا وأكدت سحبها للإعلان بعد أن طاله النقد النسوى والاجتماعى الواعى.
هذه هى النسوية التى نعمل من أجلها رجالا ونساء مهما حاول البعض تشويهها. النسوية القائمة على المبادئ الإنسانية والوعى الاجتماعى، والنسوية التى تغذيها أحداث مثل التى شهدناها فى 2021، فكل ما حدث فتح مزيدا من الأبواب للأجيال القادمة للسؤال والبحث أكثر حول مفهوم النسوية وممارساتها الواقعية بدلا من الانتقاص منها.

النص الأصلى:
https://bit.ly/3pLC6vu
التعليقات