أعلنت بكين عن تعيين الدبلوماسى شيه شى شيان سفيرها السابق فى طهران والاتحاد الأفريقى مبعوثا خاصا للأزمة السورية، يأتى ذلك بعد خمس سنوات من اندلاع الأزمة التى مازالت تتلمس طريقا لإنجاز حل رسمه الروس بالدرجة الأولى، وأسبغ الأمريكيون عليه مباركتهم، هذا التحرك من الصين ليس عبثيا.
بكين تركت الأزمة السورية بعد أن كادت تتسبب فى أزمة بينها وبين أحد حلفائها المهمين فى المنطقة، خصوصا بعد أن صوتت لأكثر من مرة بالفيتو فى مجلس الأمن ضد قرارات تدين النظام السورى، منذ ذلك الحين تجاهلت المنطقة تماما، ومارست دبلوماسية حذرة للغاية، وانصرفت بشكل ذكى إلى تعزيز مواقعها فى أفريقيا تاركة واشنطن والأوروبيين يعانون فى الشرق الأوسط.
المبعوث الذى عينته الصين هو مبعوثها الأول الذى تسند له هذه الصفة والمهمة، لقد أدركت بكين فى بداية الأزمة أنها تلعب فى منطقة لا تعرف قواعدها جيدا، خصوصا وأن الأزمة السورية للحظات كادت تذهب إلى تدخل دولى عسكرى وهو أمر يخالف العقيدة السياسية الصينية ومبادئها التى ترى فى التدخلات الأجنبية العسكرية فى الدول أمرا يجب ألا يحدث، تقول بذلك والذاكرة الصينية التاريخية تستحضر التدخلات الاجنبية فى أراضيها، لذا فهى تراهن دوما على الحل السياسى وهو ما كان فى نهاية الأمر.
خطوة الصين بإرسال مبعوث جاءت بعد زيارات قام بها كل من المعارضة السورية ورئيسها السابق خالد خوجة قبل أشهر، ثم وزير خارجية النظام وليد المعلم الذى أعلن من بكين قبول نظامه للمحادثات مع المعارضة.
إذا شعرت الجمهورية الصينية أن حل الأزمة بات سياسيا خصوصا بعد تدخل موسكو العسكرى؛ حيث أدركت بكين أنه لا مجال لتدخل أميركى بعد أن قطع الروس الطريق أمام واشنطن، وبالتالى أمنت الصين القضية ضد أى تصعيد عسكرى تخشى أن تكون جزءا منه.
وبالرغم من أنه لا مصالح اقتصادية كبيرة حاليا للصين فى سوريا إلا أن بكين وفى إطار مبادرتها الطموح المسماة «طريق الحرير» أو «الطريق والحزام»، تدرك أهمية منطقة «الهلال الخصيب» كمنطقة محورية واستراتيجية فى مشروعها، وهى تريد أن تكون جزءا من التفاهمات التى يعمل عليها اليوم، وتريد ضمان مصالحها فى المستقبل، فالجغرافيا هنا حاضرة من أجل السياسة والاقتصاد معا، ولعل بكين أدارت دبلوماسيتها بشكل جيد خلال الأعوام الخمسة الماضية، فانصرفت عن الأزمة والمنطقة لكنها تستدير اليوم لها.
الرياض ــ السعودية
أيمـن الـحـمـاد