جاءت تحذيرات د.عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة لحكومة هشام قنديل، بأنها لن تلقى دعم الحزب إذا لم تستشره فى قراراتها المهمة، لتثير أكثر من سؤال حول توقيتها والهدف الحقيقى منها.. فتوقيت هذه التصريحات يتواكب مع استعدادات القوى السياسية المختلفة لانتخابات البرلمان الجديد، كما أن هذه التصريحات تحاول أن تصور لنا أن حزب الإخوان ليس له علاقة بتدهور مستويات المعيشة، ولا بفشل برنامج الـ 100 يوم فى تحقيق أهدافه، وأن قنديل وحكومته يتحملان وحدهما هذه المسئولية.
العريان الذى كان يجب أن يوجه خطابه للرئيس مرسى باعتباره المسئول الأول والأخير عن اختيار قنديل والمنوط به متابعة عمله، أحالنا إلى المجهول وهو يهدد قوى خفية أطلق عليها «المعوقون» بانها ستدفع الثمن غاليا، لأنهم يعوقون برنامج الرئيس، رغم أنهم يتقاضون عشرات الآلاف من الجنيهات مرتبات شهرية..!
بالقطع لا يمكن فصل تصريحات العريان التى أطلقها مساء السبت الماضى خلال المؤتمر العام لحزب الحرية والعدالة، عن جو الإحباط العام الذى تكابده الأغلبية الساحقة من المصريين، دون أن تبدو فى الأفق بادرة أمل فى رفع مستويات المعيشة، فالرجل يريد ان يجعل من قنديل وحكومته «الشماعة» التى يعلق عليها الإخوان فشلهم فى حل الأزمات المستعصية التى نواجهها الآن، خاصة أن العريان لم يوضح لنا ما هى القرارات المهمة التى اتخذتها الحكومة دون أن تستشير فيها حزب الحرية والعدالة، كما لم يقدم لنا أيضا رؤية الحزب لكيفية تنفيذ برنامج الـ 100 يوم، فالعريان وجه هجومه على قنديل وكأنه يترأس حكومة شكلها حزب الوفد أو حزب الدستور أو التيارات الناصرية.
الواضح الآن، أن مسافات شاسعة جدا، تفصل ما بين الدور الذى لعبه الإخوان المسلمون قبيل وأثناء ثورة يناير، والدور الذى يلعبونه الآن، بعد أن أصبحت الدولة دولتهم.. إخوان الثورة عقدوا تحالفات مع الليبراليين واليساريين وبقية فصائل الإسلام السياسى من الجهاديين والجماعة الإسلامية والسلفيين، لإسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك.. أما إخوان الدولة فقد بدأت بعض قياداتهم تتقمص روح نظام مبارك، وتوجه ضربات تحت الحزام لحلفاء الأمس.. إخوان الثورة كانوا يوفرون أنابيب البوتاجاز بسعرها الرسمى لناخبيهم.. أما إخوان الدولة فيريدون رفع الدعم وتحرير سعر الطاقة بنفس حجج مبارك وبنفس مفرداته التى كان يستخدمها وعلى رأسها «إعادة هيكلة الدعم».. إخوان الثورة رفضوا قرض صندوق النقد عندما كان الجنزورى رئيسا للوزراء.. أما إخوان الدولة فيريدون الحصول عليه!
لا شك ان الرئيس محمد مرسى الذى أعطى لمؤسسة الرئاسة بريقا وطنيا جديدا، ويكتسب شعبية متزايدة يوما بعد يوم، مطالب بان يحل لنا إشكالية الثورة والدولة عند الإخوان، وان يقدم لنا كشف حساب لبرنامج الـ 100 يوم، ولأداء حكومة قنديل التى تتعرض الان لقصف مباشر من قيادات الإخوان.