أزمة التيارات السياسية المدنية فى مصر - هويدا عدلى - بوابة الشروق
الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 1:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أزمة التيارات السياسية المدنية فى مصر

نشر فى : السبت 3 سبتمبر 2011 - 9:34 ص | آخر تحديث : السبت 3 سبتمبر 2011 - 9:34 ص

 سؤال يلح على كلما تابعت ما يجرى على الساحة المصرية من جدل بين التيارات السياسية المختلفة حول الدستور والمبادئ الحاكمة للدستور والدولة المدنية فى مواجهة الدولة الدينية، وكأننا لسنا على بعد شهور قليلة من الانتخابات البرلمانية، والتى ستسفر عن برلمان يختار الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور. أنا لست ضد الجدل الدائر واعتبره صحيا وضروريا، ولكن الحقيقة لم يعد مكانه هو ميدان التحرير وغيره من الميادين ولكن ميدانه الحقيقى هو مدن وأحياء وقرى ونجوع مصر، أى القاعدة الانتخابية المصرية فى مواقعها. إن اقتصار الجدل على ميدان التحرير أو غيره عبر الاعتصامات لم يعد ذا جدوى الآن، ونحن على بعد أسابيع من انتخابات برلمانية، من المفترض أن تكون بداية التغيير الحقيقى فى مصر. وحتى وقتنا الراهن نحن نفتقد بوصلة التغيير ولا نستطيع أن نتنبأ به.

أعتقد أن على التيارات السياسية وخاصة المدنية الآن أن تبتعد ببصرها عن ميدان التحرير وغيره وتتجه للناخبين فى مواقعهم، وتنقل الجدل من جدل نخب إلى نقاش الشارع، بحيث يدرك المواطن أن معايشه ومستقبله مرهون تماما بمشاركته فى صياغة المستقبل. إن هذه النقلة إذا حدثت ستكون نقلة إستراتيجية فى منهجية عمل التيارات السياسية المدنية. ويعتمد نجاحها على قدرة هذه التيارات أن تربط السياسة بمعايش الناس. فعلى سبيل المثال يجب أن يعى المواطن البسيط الفقير أن شراء صوته بالرشاوى الانتخابية سيجعله أسير الفقر هو وأولاده إلى مدى غير منظور. فعبر الرشاوى الانتخابية تم شراء أصوات الفقراء من المصريين على مدى سنوات. والحقيقة أن هذه الظاهرة لم تقتصر ممارستها على الحزب الوطنى المنحل فحسب ولكن الإخوان المسلمين استخدموها أيضا على نطاق واسع، وبالطبع الوسط الملائم والحاضن لقبول فكرة الرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات هو ازدياد حدة الفقر. هذه واحدة أما الثانية فتتعلق بالربط بين السياسى والاقتصادى والاجتماعى بشكل واضح، فالمواطن المصرى البسيط لا يهمه ما يسمعه عن دولة مدنية أو غيره، ولكن ما يهمه كيف ستتحسن أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، كيف سيشعر بالعدالة، كيف سيستطيع محاسبة من يحرمه من حقه. والتحدى الواقع على التيارات السياسية المدنية هو كيف تقيم علاقة واضحة بين مدنية الدولة وتحسن أوضاع المواطن الاقتصادى، كيف ترسخ الدولة المدنية فكرة تداول السلطة التى توفر فرصة للناخب أن يغير الحكومات ذات الأداء الضعيف، كيف تضمن انتخابات نزيهة ودورية، كيف تضمن مراقبة جميع المسئولين مما يجبرهم على إعطاء كل ذى حق حقه، كيف لا تتغطى بشعارات دينية ترهب الناس وتخيفهم من أن يراقبوا المسئولين. كيف يفهم المواطن البسيط أن الدولة المدنية لا تعادى الدين، ولكنها تنظم العلاقة بين الاثنين، بحيث لاتتم الإساءة للدين، ولا يتم استخدام الدين فى الابتزاز السياسى، وأيضا ألا يتمتع من يحكم بأى شرعية سوى شرعية صندوق الانتخابات.

كلمة أخيرة للتيارات السياسية المدنية، اتركوا استديوهات الإعلام والقنوات الفضائية، فوجودهم فى الإعلام لم يحقق النجاح، والدليل إنكم كنت تملئونه قبل الاستفتاء والنتيجة كانت واضحة. انزلوا للناخب فورا ببرامج تخاطب مشاكله، حتى لا تندموا فى وقت لا ينفع فيه الندم.

التعليقات