العدالة الاجتماعية على أجندة الرئيس القادم - هويدا عدلى - بوابة الشروق
الإثنين 23 سبتمبر 2024 9:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العدالة الاجتماعية على أجندة الرئيس القادم

نشر فى : السبت 26 مايو 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 26 مايو 2012 - 8:40 ص

يتوقع غالبية المواطنين خاصة البسطاء منهم أن يأتى الرئيس القادم لهم بالمعجزات، والحقيقة أن الاستهانة بهذا التوقع يمثل امرا خطيرا لأنه يؤدى لتحول ما يطلق عليه ثورة التوقعات المتزايدة بسبب الثورة وما نتج عنها من تحولات إلى ثورة إحباطات متزايدة، من الممكن أن تؤدى الى ارتفاع معدلات السخط فى المجتمع عن الحد الصحى مما ينذر بقلاقل جديدة. من أولى أولويات قطاعات واسعة من الشعب المصرى خاصة الفقراء ومتوسطى الدخل منهم هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا نراه كل يوم فى حوارات الشارع سواء فى الحواضر أو الريف، وأنا بعين رأسى سمعته من مواطنين فى أماكن شتى سواء فى القاهرة أو المنيا أو أسيوط أو السويس أو الشرقية وغيرها.السؤال ماذا يقصد الناس بالعدالة الاجتماعية وماذا تعنى الحكومة أيضا بالعدالة الاجتماعية. ولنبدأ بالحكومة، منذ أن رفعت ثورة 25 يناير شعار عدالة اجتماعية من ضمن شعاراتها، والحكومات التى أتت عقب الإطاحة بنظام مبارك تختزل الحديث عن العدالة الاجتماعية فى الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، وهذا فى الحقيقة أمر مخل، فالعدالة الاجتماعية تتجاوز ذلك الأمر بكثير. وإذا كانت الحكومة تختزل العدالة الاجتماعية فى الحد الأدنى والأقصى للأجور، فالسؤال المشروع: ماذا يعنى المواطن البسيط الفقير بالعدالة الاجتماعية؟ عندما يسأل مثل هذا المواطن ماذا تعنى عدالة الاجتماعية، فيرد مباشرة أن احوالنا وظروفنا تتحسن، وإذا طلبت منه تفاصيل أكثر يبدأ فى الكلام عن الغلاء وعن الدروس الخصوصية وعن العلاج المكلف وغيرها من القضايا ذات الصلة بإدارة حياته اليومية، وربما لا يذكر إطلاقا قضية الحد الأدنى والأقصى للأجور، وهذا ليس معناه أهمية تقليل الفوارق الشاسعة بين الدخول، والذى يؤدى الى وفر كبير فى الإيرادات العامة، ولكن يعنى أنه لا يمكن اختزال تحقيق العدالة الاجتماعية فى وضع حد أدنى وأقصى للأجور.

 

●●●

 

إن هذه الفجوة فى الادراك بين من يقومون على الحكم والمواطن العادى فجوة فى غاية الخطورة ومكمن خطر لمن يأتى لموقع الرئاسة إذا وقع فيها. فالمطلوب ترجمة كلام المواطن البسيط العادى عن العدالة الاجتماعية الى كلام علمى يصلح لتصميم سياسات. فالعدالة الاجتماعية، وهى التحدى الرئيسى والأول، أمام أى رئيس قادم ليست هى الحد الأدنى والأقصى للأجور فقط ولكنها إعادة توزيع الدخل والثروة فى المجتمع بالمعنى الواسع وتحسين نوعية حياة المواطنين، وهذا لن يتحقق إلا إذا تم تبنى عدد من السياسات واتخاذ مجموعة من الاجراءات:

 

• منها تحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطنين سواء كانت الصحة أو التعليم أو مياه الشرب أو الصرف الصحى خاصة بالنسبة لسكان الريف، والتحسين لا يقصد به فقط الإتاحة ولكن الجودة، فالمواطن المصرى الفقير الذى ليس فى وسعه سوى استخدام الخدمات الحكومية المجانية أو المدعومة يعانى معاناة شديدة من نوعيتها المتردية. وعلى هذا فإن التحسين النسبى لنوعية حياة المواطن يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة لضخ مزيد من الموارد لتحسين نوعية الخدمات من ناحية وتوفير كوادر بشرية قادرة على تقديم الخدمة بجودة اعلى من ناحية ثانية وتأسيس نظام للمحاسبة والمساءلة يضمن تحقيق ذلك من ناحية ثالثة.

 

• التفكير فى إصلاح النظام الضريبى بحيث يكون اكثر عدالة، فلا يعقل أن نظل نتمسك بنظم ضرائبية متحيزة لذوى الدخول المرتفعة، فكثير من الدول الرأسمالية تطبق نظم الضرائب التصاعدية، وهى آلية ناجحة لإعادة توزيع الدخل والثروة إذا تم تحديد النقطة التى تحقق أعلى إيراد وأقل تهرب.

 

• الاهتمام بالمناطق الريفية والتى تأكد من خلال عدد من المسوح العلمية التى جرت طوال السنوات القليلة الماضية إنها تعانى من تردى نوعية الحياة بشكل خطير، تجلى فى ارتفاع معدلات البطالة وازدياد الأمراض القاتلة مثل الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى الوبائى نتيجة التلوث الرهيب التى تعانى منه القرية المصرية وغيرها. والحقيقة اننى لا أبالغ، فأى زائر لريف محافظة قريبة أو بعيدة سيصدم من انسداد المصارف وعفنها وسيصدم أكثر عندما يشاهد الأطفال يسبحون فيها. ولا يختلف الأمر كثيرا فى العشوائيات. إن هذا الأمر يحتم على الرئيس القادم أن يضع الريف والعشوائيات بكل مشكلاته نصب عينيه وألا يستمع إلى التقارير التى تأتى له من الجهاز الإدارى للدولة والتى تؤكد أن كل شىء على ما يرام، بل ينزل لنجوع وكفور مصر وعشوائياتها ليرى بنفسه، فمعاناة المواطنين فى هذه المناطق خارج حدود الخيال ولا تحتمله طاقة البشر. أن تحقيق ما سبق يتطلب موازنة ثورية تعيد ترتيب الأولويات الاجتماعية، وتخصص موارد كبيرة لهذه المناطق.

 

• إعادة النظر فى توزيع الدعم على القطاعات المختلفة وأيضا تحسين طرق استهداف الفقراء.

 

●●●

 

إن إنجاز ما سبق يحتاج الى رئيس يمتلك شجاعة التغيير وينحاز إلى فقراء مصر. وأخيرا فالمطلوب من الرئيس القادم أمران اساسيان فى هذا الشأن اولهما الشفافية الكاملة، يعلن ما يستطيع فعله وما لا يستطيع، وما يمكن إنجازه الآن وما يجب تأجيله، فالشفافية والمصارحة ستجعله محل ثقة واحترام من كل المصريين. ثانيهما الحذر من الجهاز البيروقراطى للدولة المصرية العتيدة والذى يستطيع إذا اراد أن يفشل أى محاولة للتغيير ، وأن يثبط من همة أى رئيس.

التعليقات