هل يدرك الجيش والحكومة نتائج سياستهم؟ - هويدا عدلى - بوابة الشروق
الإثنين 23 سبتمبر 2024 9:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يدرك الجيش والحكومة نتائج سياستهم؟

نشر فى : الخميس 13 أكتوبر 2011 - 9:45 ص | آخر تحديث : الخميس 13 أكتوبر 2011 - 9:45 ص

كانت أحداث ماسبيرو كاشفة ومؤكدة لعدد من الدروس التى إن لم نستوعبها جميعا شعبا وحكومة، فإن على البلاد السلام. ثلاثة أطراف أساسية لابد أن تدرك أن ما مارسته واتخذته من سياسات وإجراءات فى أحداث ماسبيرو ببداياتها وتداعياتها يترتب عليه نتائج خطيرة، وإن لم تكن تدرك ذلك فهذا عذر أقبح من ذنب وعليهم جميعا التخلى عن المسئولية. الأطراف الثلاث هم وزارة الإعلام ورئيس الوزراء والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، انتقالا من صاحب المسئولية الأصغر إلى صاحب المسئولية الأكبر.

 

●●●

 

كان تعامل وزير الإعلام ووزارته مع أحداث ماسبيرو فضيحة بكل المقاييس ضاعت فيها كل القيم المهنية مثل الموضوعية والحياد والتدقيق فى تحرى الحقيقة عندما ركز على جزء واحد من المشهد، وهو قتلى وجرحى القوات المسلحة، وأنكر تماما وجود أى جرحى من متظاهرى ماسبيرو مع إصرار مخيف واستمساك بالخطأ جاء على لسان الوزير ذاته فى حديث له مع راديو مصر فى نفس الليلة. كما ضاعت كل القيم الأخلاقية أيضا على يد وزير الإعلام ووزارته بل والأفضل وعصابته عندما استعدى جهازه الاعلامى الرسمى الشعب المصرى على متظاهرى ماسبيرو ودعاهم إلى النزول للشارع للدفاع عن الجيش أى دعوة صريحة على الحرب الأهلية. إن مثل هذا الوضع المخزى ليس له إلا حل واحد مرض للشعب المصرى وهو إقالة وزير الإعلام وتحويله للمحاكمة بصفته المسئول الأول عن هذا الجهاز الذى حرض على الحرب الأهلية فى مصر. والأمر الغريب أنه على مدار حكم مبارك كله لم نر مثل هذه الجريمة التى تجاوزت تضليل الرأى العام إلى التحريض على الحرب الأهلية.

 

●●●

 

نأتى للطرف الثانى وهو رئيس الوزراء المصرى، وكعادته فى عدم اتخاذ القرار الصحيح فى الوقت الصحيح. فقد خرج علينا ببيان كان من الأفضل ألا يقوله، حذر فيه من سقوط الدولة. ولا اعلم اى دولة يتحدث عنها وهو الذى ضاعت على يده هيبة الدولة المصرية تماما، فمنذ أن تولى السلطة لم يستطع اتخاذ قرار وتنفيذه إلا قرار إلغاء التوقيت الصيفى. فما ارتكبته هذه الحكومة الهمامة من أخطاء وما أظهرته من ضعف وتردد أضاع هيبة الدولة المصرية تماما، وإذا استمرت فستضيع الدولة كلها لا قدر الله. وأذكركم بمشروع قانون العبادة الموحد وبقوانين تجريم الإضرابات وتعيين محافظ قنا وغيرها. والأمر المثير للسخرية انه فى إطار هذا الأداء المخزى والضعيف، تخرج علينا الحكومة الهمامة بمشروعات كبرى مثل تعمير سيناء ومستقبل مصر بعد 50 سنة ويقوم رئيس الوزراء الهمام بتعيين اللجان، ويذهب إلى اهالى سيناء وغيرهم ويخبرهم انه سيحقق كل مطالبهم. ما هذا العبث؟ هل نسيت الحكومة أنها حكومة انتقالية معنية بمهمة وحيدة وهى كيفية إدارة المرحلة الانتقالية، وألا يدرك رئيس الوزراء أنه ليس لديه الوقت ولا الموارد ولا السلطة لينفذ مشروعاته الكبرى، وهل هو ناجح فى إدارة المرحلة الانتقالية حتى يفكر فى مستقبل مصر. ونأتى لأحداث ماسبيرو، ونسأل الحكومة الهمامة أليست مقدمات الأحداث كانت واضحة وضوح الشمس منذ أكثر من شهر، فمشكلة الماريناب مثارة منذ أكثر من شهر، ولم يتحرك رئيس الحكومة، أليس ما فعله محافظ أسوان جريمة بكل المقاييس بتصريحاته وتصرفاته مهما كنت تفاصيل الوضع، هل معقول أن يتحدث محافظ أسوان ويقسم المجتمع إلى شباب مسلم متحمس من ناحية ومسيحيين ارتكبوا مخالفة، وان من حق هؤلاء الشباب أن يصلحوا الموقف، هل يعقل ترك مسئول محلى كبير يقسم الوطن لمسلمين ومسيحيين ويبرر قيام الشباب بهدم الكنيسة، الذى هو حق الدولة إذا كانت هناك مخالفة. إن أى حكومة تفهم معنى قيمة المواطنة وتدرك أهمية الحفاظ على هيبة الدولة كان لا بد ليس فقط أن تقيل هذا المحافظ ولكنه أن تحوله للمحاكمة.

 

●●●

 

نأتى للسلطة الأكبر فى مصر وهى المجلس العسكرى. والسؤال الأول صريح ومباشر لماذا لم يحل المجلس العسكرى من سحلوا الشاب المتظاهر يوم 4 أكتوبر للتحقيق مثلما حدث قبل ذلك عند إحالة من مارسوا العنف فى احد أقسام البوليس إلى التحقيق، قرار بسيط ولكنه كان سينزع فتيل الأزمة ويؤكد حياد الجيش أمام كل المواطنين. ومع ذلك فعدم القيام بهذا الأمر كان هو الطامة الصغرى، أما الطامة والأصح الخطيئة الكبرى ماحدث 9 أكتوبر من دهس للمتظاهرين بالمدرعات. إن ما حدث ليس له إلا معنى واحد مهما كان التباس الموقف، وهو أن الجيش المصرى الذى يقوم على عقيدة وطنية خالصة لم يعد كذلك، وانه لا يختلف كثيرا عن الجيش السورى ذى العقيدة الطائفية، غير الآثار التى سوف تترتب على مثل هذا السلوك فى وجدان المصريين الأقباط على مدار سنين طويلة قادمة من الشعور بالمرارة وانهيار قيمة المواطنة. يوم أن خرج الأقباط للتظاهر خارج أسوار الكنيسة، فرح المصريون مسلمون وأقباط وقالوا أخيرا خرجوا للوطن، فتأتى ممارسات السلطة العسكرية مرة أخرى لتعيدهم للطائفية المقيتة.

 

●●●

 

وأخيرا كان من الممكن نزع فتيل الأزمة بإجراءات سريعة وبسيطة مثل إقالة محافظ أسوان وتحويل الذين ارتكبوا جريمة سحل الشباب المتظاهر يوم 4 أكتوبر من الشرطة العسكرية للتحقيق. ولكن من يسمع ويدرك ويجيب؟؟

التعليقات