فى عام 1961 قدّم محمود ذو الفقار فيلمه المراهق الكبير وذلك بعد النجاح الملحوظ فى فيلم «المراهقان» حيث بدأ كتاب السيناريو فى اكتشاف عالم البنات الصغيرات دون الثامنة عشر فى المدارس، ويعنى تاريخ إنتاج الفيلم أننا فى عقد جديد هو الستينيات، فهو عقد شهد ما يسمى بمرحلة منتصف العمر عند أبرز نجوم ما قبل هذا الزمن وعلى رأسهم عماد حمدى الذى لم ينازعه فيلم آخر فى التمثيل مرارا حيث شارك البطولة جميع نساء السينما المصرية فى العقد الأسبق ومنهم شادية وفاتن حمامة وسميرة أحمد وهند رستم.
فى تلك السنة كانت الأدوار المعروضة على عماد حمدى تتأرجح بين المراهق والأب مع ممثلات كن يقمن من قبل بدور الحبيبات مثل سميرة احمد وفى تلك السنة بلغة مديحة يسرى وهند رستم مرحلة منتصف العمر وهى المرحلة التى أطلق عليها الفيلم المراهق الكبير؛ يعنى أن أحمد المحامى فى الخامسة والأربعين وهو رجل مرموق بحكم مهنته فهو رجل يلتقى الكثير من الحسناوات اللائى يطلبن الحب منه فلا يكف عن الاستجابة، فى مثل هذه السن فإن الرجل الأربعينى يظل متأرجحا بين امرأتين الأولى فى مثل سنه، سونيا «هند رستم» التى ترتبط بصداقة معه منذ سنوات طويلة وكلا الاثنين لم يتزوجا من قبل، فهو يؤمن أن العزوبية مقرونة بالحرية وبالقدرة على الاختيار ورغم قدم العلاقة مع سونيا فإنهما لم يتصارحا قط بمشاعر دفينة تعتبر المرأة بمثابة العقل الموزون لصديقها الذى يستشيرها دوما ويأتى إليها فى المنزل حين يشاء.
أما الفتاة نادية فقد اكتشف أحمد أنها الطفلة التى صارت فى الثامنة عشرة؛ أنثى ناضجة تثير العينين وهى ابنة للخولى الذى يتولى رعاية الأرض الزراعية التى يمتلكها المحامى، المراهق الكبير يود لو عاد إلى سن نادية وهى ترى أنه الرجل الناضج الذى ستعيش معه سعيدة وستحطم عزوبيته، حينما تبادلا مشاعر الحب بمباركة الأب وهو على فراش المرض.
يمكن أن نقول إننا هنا أمام فكرة من رواية لوليتا للكاتب الأمريكى فلاديمير نابوكوف المنشورة عام 1957 حول الفتاة الصغيرة التى تقع فى غرام رجل أربعينى وهى الفكرة التى أرقت العالم الغربى خاصة أن هذه الرواية تحولت إلى فيلم إخراج ستانلى كيو بريك عام 1962 أى بعد عام من إنتاج فيلم اليوم.
أسوأ ما فى الأمر هو أن الفيلم يعتمد على قانون الذكورة الخشن فالرجل يلعب بمشاعر حبيباته وعشيقاته ولا يتزوج منهن ويبدو هذا واضحا عندما تتأجج العلاقة بين أحمد والصبية ويعلنان عن موعد عقد القران، كما تتأجج بينه وبين سونيا فتنصحه بعدم الزواج من هذه المراهقة وهنا تتكشف طبيعة مشاعرها فإنها الأنثى التى كانت كاملة وتتعامل معه بخشونة ويبدو أحمد كأنه الذكر المسيطر فهو صاحب القرار ويتلاعب بمشاعر جميع من حوله، حيث إن ابن أخيه مغرم بالصغيرة نادية ويريدها عروسا له وفى لحظة فإن الذكر يتمسك بخيوط اللعب يتزوج هذه وبعد قليل يعلن أنه سيمنحها إلى ابن أخيه ويذهب إلى سونيا كى يعلن عليه الزواج؛ أى إن أغلب أطراف الفيلم رغم إشارة المراهق الصغير الذى قرر أن يتزوج صديقته بعد سن الخامسة والأربعين.
على الصعيد المهنى فإن عماد حمدى بعد هذا الفيلم ترك إلى الابد أدوار العاشق الذى تعتمد عليه الاحداث ودب الشيب تدريجيا فى شعره وهو يقوم بدور الاب لكل من عبدالحليم حافظ وحسن يوسف وفيما بعد كمال الشناوى الذى يقاربه فى السن وهكذا إلى أن رحل عام 1984 وقد تكررت هذه الظاهرة مع الجيل التالى لعماد حمدى مثل أحمد مظهر فى فيلم رحلة العمر ورشدى أباظة فى العاطفة والجسد وأيضا شكرى سرحان وفريد الأطرش ثم ظل يتجدد مع الأجيال التالية حتى اليوم.