بالتزامن مع إرسال الإدارة الأمريكية حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد إلى المنطقة لإظهار الدعم للإسرائيليين، خاطبت الكونجرس لاعتماد مالى يوجه للكيان المحتل يقدر بنحو 14 مليار دولار دون النظر إلى أنها أكبر متلقٍ للمساعدات الخارجية الأمريكية متجاهلة عجز موازنة متسعا أشعل النار فى بيوت الأمريكان.
فالدعم الأمريكى غير المحدود لدولة الكيان الإسرائيلى قديمًا وحديثًا ليس سرًا، وأظهرت الحرب الأخيرة فى غزة مدى التفانى الأمريكى فى تغيير معدلات الصراع على الأرض من مد دولة الاحتلال بالأسلحة والعتاد والجنود؛ لكن المفارقة أن الأمر يتزامن مع عجز فى الميزانية الأمريكية اتسع إلى 1.7 تريليون دولار لن تسلم حياة المواطنين الأمريكيين من التأثر به.
العجز سوف يزيد من الضغط على الرئيس جو بايدن، بينما يسعى لإعادة انتخابه فى عام 2024 لكن إدارته ترفع شعار «لو لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعناها» فتغامر الإدارة الأمريكية الحالية بأموال المواطن الأمريكى دون اكتراث لتكلفة باهظة فى اقتصاد مأزوم بالنسبة لمنافسته السوق الصينية. فهناك انخفاض فى عائدات الضرائب وانخفاض فى ودائع الأرباح من قبل الاحتياطى الفيدرالى على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة المستمر لعدة أشهر قبل التثبيت الأربعاء الماضى. فى محاولة لعلاج ما يمكن بعد أن اتسع العجز بمقدار 320 مليار دولار للسنة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر، فقد أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة الإنفاق، مما رفع العجز فى عام 2023 إلى ثالث أكبر مستوى له على الإطلاق.
السؤال المحورى كيف لا يمنع استمرار العجز الإدارة الأمريكية الحالية من طلب تخصيص حوالى 106 مليارات دولار لمساعدات خارجية جديدة وإنفاق إضافى فى المجالات الأمنية، بما فى ذلك 60 مليار دولار لدعم أوكرانيا و14 مليار دولار لإسرائيل، بالإضافة إلى تمويل حماية الحدود الأمريكية ومنطقة المحيطين الهندى والهادئ، فهناك مغامرة قد تهز الاقتصاد الأمريكى دون مراعاة زيادة البطالة والفقر فى الدولة التى طالما تفاخرت باقتصادها وشعارات حماية حقوق الإنسان التى تحطمت على أفعال داعمة للكيان الفاشى الوحشى إسرائيل دون سند إنسانى ولا أخلاقى.
التوقعات التى تشير إلى أن العجز المالى يتجاوز حتى مخاطر «كوفيد ــ 19»، وحالة تخلف الحكومة عن السداد والمشاكل المالية فى مجلس النواب والتفاوض على سقف الدين. لم تكبل تلك الأزمات إدارة بادين عن عدم تقديم الدعم للكيان الغاصب، والمواطن الأمريكى حتما سيدفع جزءا من فاتورة تلك الإدارة الحالية التى كشفت كثيرا من العورات الأمريكية والغربية.
فعلى سبيل المثال انخفض إجمالى النفقات الحكومية بشكل طفيف عن العام السابق بعد أن ألغت المحكمة العليا برنامج بايدن للإعفاء من القروض الطلابية، حسبما أشار بيان مشترك صادر عن وزارة الخزانة ومكتب الإدارة والميزانية مع توقعات أنه فى حالة عدم معالجة القصور فى تلك الجوانب فإن العجز يتضاعف تقريبًا إلى حوالى 2 تريليون دولار.
المواطن الأمريكى يعيش وسط ضغوطات دفعت الإدارة الأمريكية إلى زيادة فى الإنفاق فى بعض المجالات، مع زيادة قدرها 134 مليار دولار فى الضمان الاجتماعى بسبب تعديلات تكاليف المعيشة وزيادة قدرها 162 مليار دولار فى نفقات الفوائد على الدين العام.
كما أن صافى مصاريف الفوائد كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى يبلغ نحو 2.5 بالمائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 1998. ولكن كيف تطرح مشروع قانون مستقل لتمويل إسرائيل على حساب مواطنيها فقد قدمت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية مساعدات لإسرائيل أكبر من أى دولة أخرى.
وتشكل المساعدات العسكرية الأمريكية حوالى 16% من إجمالى ميزانية الدفاع لإسرائيل، والتى جاءت فى المرتبة الثامنة فى القائمة العالمية لأفضل المنفقين العسكريين مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى العام الماضى.
ما تقدمه الإدرات الأمريكية المتعاقبة للكيان المحتل يجعلنا ندرك أنها ربيبتها فقد منحت الولايات المتحدة إسرائيل حوالى 10 مليارات دولار لإنشاء نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخى وتكشف الأرقام الأولية أن إجمالى المساعدات الأمريكية العالمية لعام 2022 بلغ أعلى مستوياته منذ عام 1951 بأكثر من 60 مليار دولار.
لكن بعض الأصوات العاقلة فى أمريكا ترى أنه اذا كان من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها ،لكن ليس من حقها استخدام الدولارات الأمريكية لقتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء فى غزة.