التعافي الاقتصادي والطريق الوعرة - محمد مكى - بوابة الشروق
الإثنين 27 يناير 2025 12:26 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

التعافي الاقتصادي والطريق الوعرة

نشر فى : السبت 25 يناير 2025 - 5:55 م | آخر تحديث : السبت 25 يناير 2025 - 5:55 م

تجرع عموم المصريين مرارة الظرف الاقتصادى والجيوسياسى فى منطقة ركبت موج البحر شهورًا طويلة، بعد إصلاحٍ فى نوفمبر 2016 حدثت بعدها نكبات متتالية من جائحة كورونا والغزو الروسى لأوكرانيا وما ترتب عليها من الاختلالات فى أسواق الطاقة والغذاء الناجمة عن الحرب والاضطرابات فى سلاسل الإمداد، جعلت المَحافظ المالية من العملة الصعبة فى الوطن بالسالب والعجز حتى جاء التعديل فى مارس الماضى من خلال قرارات جديدة عدَّلت من قسوة عامين جعلت «السوق غير الرسمية» هى معيار التعامل فى حياة الجميع.
لكن هل نملك قدرة على التعافى فى ظل المعطيات الحالية من تضخم وديون خارجية وداخلية، وصعوبات تتعلق بأولويات الاهتمام ومعاناة قطاع خاص اعتاد طلب محفزات ومبادرات، وبعض من رجاله يحتفظ بجزء كبير من أمواله خارج الوطن، ونقل بعضهم نشاطه الاقتصادى إلى دول أخرى، وما ذُكر فى اجتماع رئيس الوزراء مع مجتمع الأعمال والبنوك مؤخرًا كشف الغطاء عن بعضها، وإن كان الجزء الخفى أكبر مما قيل فى جلسة لم تنقصها الصراحة.
نمتلك مقومات أكثر مما قيل لنا فى كتب التعليم من بحور وموقع جغرافى وتاريخ ونهر عظيم، فهناك قدرة بشرية شابة ومتعلمة لها الفضل فى اجتياز نقص العملة من شريان قناة السويس، فأيدى العمالة المصرية وأبناء مصر فى الخارج عوضوا كثيرًا من الفقد والهدر. نملك شركات وعلامات تجارية حكومية وخاصة أكبر من تاريخ دول لكن تنقصها الإدارة ومواكبة العصر مع غياب التسويق لكل ما نملك، فكيف تتفوق بعض الدول في المنطقة وافريقيا على مصر فى الإيراد السياحى، وكيف نصبح مستوردًا بعد أن كنا مصدرًا للطاقة.
حدثت انتكاسة بفعل قرارات واجبة التصويب ولا تحتاج سوى اختيار الشخص المناسب فى الإدارة، ولعل ما حدث من التعامل فى ملف الأموال الساخنة عبرة وعظة جزء كبير من الخلل كان بعد خروج الأجانب بقرابة 22 مليار دولار بمجرد طلقات نار في اوكرانيا عجلت بخروجهم واصابة اقتصاد بصورة واضحة اعتمد عليهم ولم يحسن طريقة خروجهم.
الأرقام تقول إن 2025 لن يكون ورديا فى ظل تقديرات النمو من صندوق النقد وحجم الدين الخارجى واجب السداد حسب تقديرات البنك الدولى، لكن فى المقابل تقديرات خفض التضخم وتشغيل كثير من المشروعات المعطة فى الصناعة والسياحة وعودة العمل بقناة السويس تجعل استرداد الأنفاس ممكنًا.
استغراق وقت طويل فى الإصلاح والأزمات جعلت القطاع المالى والاقتصادى شديد التراخى حيال آجال الاستحقاق وثمار النمو ولن يجدى معها خطاب التحمل والصبر، مكافأة الناس تكون بالحفاظ على ما لديهم من مكتسبات وعدم هجرهم الوطن. فالخسائر كانت كبيرة فى الأصول والمدخرات. الزيادة فى الضرائب فى بريطانية جعلت الأثرياء يبحثون عن أسواق بديلة من ثم التفكير فى فرض أية أعباء لمواطن تجرع صعوبات لسنوات متتالية بمثابة «الضرب فى الميت».
فضيلة الاستماع للناس وفتح النوافذ مفيدة فى معالجة أمراض من الخطأ الوقوف فقط عمن صنعها. فالدولة ليست شركة تبحث عن هوامش الأرباح ومعدل الربحية. فيجب علينا جمعيا العمل على عدم العودة إلى مأزق ما قبل مارس الماضى من وضع كان على محك شديدة الصعوبة بصورة لا يمكن تخيلها.
ونتذكر ان «بنك كريدى سويس» الأوروبى والمؤثر فى النظام العالمى افلس بسبب قرارات عرفت للجميع وجعلت بيانات العملاء على المشاع وهو أمر لو تعلمون عظيم.
تعزيز الرقابة من الآليات واجبة التفعيل فى ظل تدخلات بين العام والخاص، وضغوط سوق ومنافسة تجعل كثيرًا من الأضرار سهلة الوقوع وما طلبه صندوق النقد فى مراجعته الأخيرة إبان تفعيل القرض الأخير من عقود المشترين وخروج الدولة من بعض الأنشطة مسار لا يجب إغفاله.
إضعاف السوق الموازية للعملة، التى كانت ملاذا للباحثين عن الدولار بعيدا عن القنوات الرسمية وتدفقات استثمارية فى إطار تعهدات واتفاقات دول مثل الإمارات أو الاتحاد الأوروبى وخطط التنمية لمناطق مثل منطقة «رأس جميلة» الساحلية والصادرات وعائدات السياحة ورسوم عبور قناة السويس وتحويلات المغتربين جوانب قادرة على المساندة والتعافى، والأهم أن تكون الإصلاحات مستمرة ولا يعقبها تراجع.

التعليقات