إن ما يحصل فى طوز خورماتو من تفجيرات شبه يومية، حوّلتها إلى منطقة حرام، وفق المصطلحات العسكرية، لم يكن مجرد رغبة الارهابيين فى التسلية بأجساد ابناء هذه المدينة العراقية، ان هذه المسميات الارهابية التى تعلن عن نفسها بعد كل جريمة تستهدف الناس الابرياء فى طوز خورماتو وغيرها، ليست اكثر من عناوين، تتخفى وراءها قوى (حضارية) جدا، لم تعد قادرة على إخفاء مشروعها الذى اطل بعنقه المرعب على شعوب المنطقة.
لقد اقدم (مجلس قضاء طوز خورماتو) التابع لمحافظة صلاح الدين، مؤخرا، على اتخاذ قرار غريب من نوعه، وليس له أى أساس قانونى أو دستورى، يقضى بضم القضاء إلى محافظة كركوك، وسط معارضة العرب والتركمان، الذين يشكلون النسبة السكانية الأكبر فى هذا القضاء، فى مقابل تأييد بعض القادة الاكراد، الذين رحبوا بالقرار، الذى يأتى فى إطار مساعيهم لضم محافظة كركوك إلى الاقليم، ومبررات ذلك، كما ذكر المسئولون الاكراد، تثير الضحك والبكاء معا، عندما قالوا ان القضاء يعانى من الإهمال فى ظل تبعيته لمحافظة صلاح الدين، ولم يتطور ما لم يلتحق بكركوك!
الصراع على كركوك، قديم، والكل يعرف بذلك، لكن لا أحد يعرف بالضبط حدود الصراع، أو حدود كركوك المرسومة فى أذهان القادة الاكراد، التى يرونها (كردستانية) فيما يرى التركمان والعرب انها غير ذلك، ويقرون بتنوعها السكانى، الذى يجب ان يكون مصدا لكل من يعتقد انه قادر على إعطائها هوية تناسب رغبته وهواه السياسى والثقافى، ومن هنا فإن قرار مجلس القضاء، الذى جاء بأغلبية من الأعضاء الاكراد الذين تسلموا المسئولية بعد الاحتلال، ومن دون انتخابات فعلية تعكس العمق الحقيقى لسكان القضاء، يعطى مؤشرا واضحا ان العملية مدبرة، وأتت بإيعاز من قياداتهم العليا، لافتعال مشكلة مع بغداد، قبل الانتخابات النيابية المقبلة، ليكون الامر بمثابة ورقة مساومة، بعد ان يدفع السكان الثمن، أى انهم سيكونون الخاسرين فى هذه اللعبة الخاسرة اصلا.
عبدالامير المجر