عدت من حفل توزيع جوائز الشاعر أحمد فؤاد نجم التى ينظمها رجل الاعمال نجيب ساويرس لشعر العامية مغمورا بأكثر من سبب للفرح، يرتبط أولها بطموح الجائزة فى ربط اسم «الفاجومى» بأجيال جديدة من شعراء العامية سعيا لتخليد ذكراه وهو الرجل الذى أعطى لمصر كما يليق بمجاهد وعاش حياته بالطول والعرض وترك إرثا من المحبة فى قلوب الجميع.
والسبب الثانى إعلان المهندس نجيب ساويرس نجاحه فى شراء البيت الذى سكنه نجم فى سنوات الأخيرة من ملاكه وتحويله لمتحف مفتوح يضم مقتنياته الشخصية آملا أن يجد تعاونا من أصدقاء نجم ومحبيه فى مد المتحف الذى ستتولى السيدة منى فايق مهمة تأسيسه بما يساهم فى اضاءة حياة نجم ومسيرة كفاحه.
وكلنا يعرف أسماء رفاق كانوا إلى جوار نجم ولديهم العديد من الوثائق والمقتنيات التى يحتاجها المتحف على رأسهم الأستاذة الكبيرة صافى نازكاظم المولعة بالوثائق والتى تحتفظ دائما بكل ورقة أو صورة أو مطبوعة مر عليها اسم نجم الذى تزوجته فى لحظة فاصلة من حياته واعتبرت هذا الزواج «عملية استشهادية» هدفها افتداء الشاعر ومساعدته على الاعتناء بموهبته وهى مهمة ظلت على رأس أولوياتها ولا تزال.
والأمر المؤكد ان الكاتبة الكبيرة ستمد المتحف بما لديها لتأخذ مبادرة التأسيس مسارها الصحيح وأعتقد أن وجود اسم الدكتور عصمت النمر فى مجلس أمناء المتحف مسألة ضرورية لكونه أكثر من ارتبطوا بالثنائى (نجم والشيخ إمام) عناية بتوثيق تراث هذه التجربة المهمة فى تاريخنا كما أن له خبرته الطويلة فى جمع الارشيفات وثيقة الصلة بالشاعر الذى ستعانى لجنة إعداد المتحف كثيرا فى حصرها نتيجة البساطة التى عاشها الراحل وكرمه البالغ مع المحيطين به أو العابرين فى حياته.
ومبادرة تحويل بيت نجم إلى متحف مهمة كان ينبغى على الدولة ان تنهض بها أو تساهم على الاقل فى دعمها واقترح أن تقوم وزارة الثقافة عبر دار الوثائق القومية بتقديم الملف الوثائقى للشاعر شاملا، مختلف القضايا الأمنية التى اتهم فيها وجعلته شاعر تكدير الامن العام بتعبير الكاتب الراحل الكبير صلاح عيسىى الذى تم تكريم اسمه بصفته عضوا بمجلس امناء الجائزة وبصفته أكثر من سعوا لكتابة تجربة نجم وتوثيقها على نحو دقيق فى الكتاب الذى أصدرته دار الشروق قبل سنوات.
ومن اهم الاخبار التى اعلنت خلال الحفل الاعلان عن تحويل قاعة ايوارات التذكارية بالجامعة الامريكية لمركز ثقافى عالمى فى اطار مبادرة للعناية بتراث وسط المدينة وهذه القاعة حاضر فيها العديد من الاعلام المعاصرين بداية من طه حسين وصولا للويس عوض ويحيى حقى ومحمد حسنين هيكل ومحمود درويش كما غنت فيها أم كلثوم فى سنوات البداية ولا تزال القاعة محتفظة بقيمتها المعمارية العالية ولا شك ان وجودها الجديد سيزيد من رأس مالها الرمزى.
ورغم الفرح الذى احاط بأجواء الاحتفال الا أن مستوى الفائزين الذين اختارتهم لجنة التحكيم لجائزة الشعر بقى أقل من المتوقع على الرغم من كفاءة اعضائها وقد نقلت رأيى فى الاسماء الفائزة لرئيس اللجنة الشاعر الكبير فريد أبوسعدة ولصديقى الشاعر جرجس شكرى ولاحظت كذلك ان اغلب الاعمال الفائزة إما من دور نشر صغيرة وهامشية أو من هيئة الكتاب التى بقيت وحدها تنشر الشعر.
وأتمنى فى الدورات المقبلة لو نجح مجلس الامناء فى اضافة تقليد سنوى مصاحب للجائزة بتكريم شاعر عامية من بين الشعراء الذين فاتهم قطار التكريم الرسمى الذى لا يزال ينظر لشعر العامية نظرة متدنية تجعل منه شعرا من الدرجة الثانية ولدينا الكثير من الأسماء الجديرة بذلك.