نوافذ التحدي - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:43 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نوافذ التحدي

نشر فى : الثلاثاء 5 يناير 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 يناير 2016 - 10:40 م

يكثر الحديث عن مواجهة التطرف، الكثير منه سرديات تقال عندما تتكرر المناسبة، خاصة أن الموضوع برمته ذات طبيعة موسمية. فى مكتبة الإسكندرية كانت هناك مطالبة هذا الأسبوع فى مؤتمر «صناعة التطرف: قراءة فى تدابير المواجهة الفكرية» باقتراب علمى لظاهرة التطرف، يتجاوز هذه الحالة المملة من التكرار السردى المعاد.
فى كتابه «التحدى رؤية ثقافية لمجابهة التطرف والعنف»ــ الذى صدر منذ أيام، يضع الدكتور إسماعيل سراج الدين، محاولة مهمة للاقتراب العلمى من ظاهرة التطرف، ويرسم ملامح استراتيجية شاملة لمواجهته، من خلال اعتماد العلم منهجا. الكتاب محاولة مهمة لتقديم مقتربات علمية للتعامل مع ظاهرة التطرف، التى لازلنا نتعامل معها على أنها مجرد خطابات نمطية، أو مساحة للنصح والإرشاد، أو مساجلات فكرية فى حين أنها إشكالية اجتماعية سياسية، يلزمها الدراسة العلمية الجادة، وبينما هناك من البحوث من سعى إلى تطوير مقولات للتعامل مع ظاهرة التطرف مثل ربط التطرف بالفقر أو التلازم بين الفقر وغياب الديمقراطية والحريات، أو طرح مفهوم الإدراك الخاطئ للنص والتراث الدينى، وخلافة، وجميعها من المقولات المهمة، لكن الإشكالية دائما ترتبط بغياب المنهج فى التصدى لهذه الظاهرة، والكتاب الذى نعرض له يقدم مقاربة لتحليل ثقافى مهم فى التعامل مع ظاهرة التطرف، وهو يقوم على إدراك أن العلوم الاجتماعية بينها مساحة «بينية» ــ أى مساحة تقاطع والتقاء وتفاعل بين العلوم المختلفة، تقدم مقتربات ومقولات مهمة، وترسم اتجاهات فى مجال مواجهة التطرف.
ويستند الاقتراب الذى قدمه الكاتب إلى مصفوفة مهمة للتغيير تبدأ من المجال الفكرى «النظريات»، التى تصل إلى مستوى القيم الاجتماعية ــ إدراك الناس لها، وتحمل فكر التغيير من خلال الإعلام والتعليم، ثم التطبيق الاجتماعى من خلال السلوك الفردى، وهو ما يؤدى إلى تغيير على أرض الواقع. ولم يكتف المؤلف بطرح ملامح استراتيجية شملت كل مؤسسات الثقافة والفنون والآداب، لكنه انشغل بطرح التساؤلات الجدلية، والسعى للإجابة عنها التى تتعلق بالحرية والمسئولية، وضع الأقليات، الثقافة العلمية، الخصوصية، التواصل الاجتماعى، وغيرها.
الكتاب مهم فى التصدى لقضية التطرف من منظور علمى، وفى رأى المؤلف أن الارتباط بالثقافة العلمية يشكل أحد ملامح حيوية الثقافة العامة، وهو ما يستدعى الاهتمام بالمنهج العلمى فى التعامل مع الظواهر المختلفة، وعدم إقحام الدين فيما لا علاقة له به، وتحكيم رجال الدين فى مختلف شئون الحياة، مما ادى إلى انفجار عصر الفتاوى العشوائية، وسيادة الدعاة المحترفين والمتطوعين. نحن لا نعيش فى عوالم منغلقة أو متباعدة بل نعيش جزءا من العالم، وهو ما يفرض علينا أن نفكر فى التعامل مع القضايا بنظرة علمية متطورة.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات