ماذا يجب أن يفعل الشرع؟ - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 12 مارس 2025 10:03 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ماذا يجب أن يفعل الشرع؟

نشر فى : الثلاثاء 11 مارس 2025 - 10:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 11 مارس 2025 - 10:40 م

فى المشهد السورى تتعدد النظرات، وتتداخل أوراق قوى إقليمية ودولية.

هناك من يرى أن الأمر مقضى عليه بالتبعثر والتشتت والتقسيم، ويجدون شواهد كثيرة تثبت وجهة نظرهم، أهمها: الخلفية الجهادية لمن يتولون مقاليد الأمور، وسيطرة الجهاديين على المؤسسات العامة، وبالأخص الجيش وقوات الأمن، وعدم وضوح الأفق السياسى، والنزعة الثأرية والانتقامية تجاه العلويين والمسيحيين حسب شهادة معلنة للبطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وهى التى تعد الكنيسة الرئيسة فى الشام، مما يثبت أن المسألة ليست حكما وفلولا، بل نظام جهادى أسقط ورقة التوت التى يدارى بها وجهه، وأمعن فى قتل المختلفين معه على الهوية، والاستيلاء على ممتلكاتهم، والسعى إلى تصفية وجودهم.
هناك فريق آخر يرى أن الدماء السورية التى تخضب الشوارع ما هى إلا مواجهة بين سلطة قائمة (أيا كان مصدرها) وبين اتجاهات مناوئة مسلحة (تحمل مسمى الفلول)، وبالتالى على السلطة أن تحافظ على النظام عن طريق سحق كل تمرد مسلح. أصحاب هذا الرأى فى الغالب هم الإسلاميون، ومن سار على دربهم، ومن بينهم علمانيون. ومن يتبنى هذا الاتجاه يعود إلى الخلف بالحديث عن فظائع نظام الأسد، وقد يجارى موجة الغضب العارمة نتيجة قتل المدنيين على الهوية وإعلان أن ذلك عملا فرديًا مرفوضًا، أو خارج أوامر السلطة، والإشادة بلجنة التحقيق التى تشكلت.
أظن أن المسألة رغم أنها تبدو معقدة، لكن هناك مؤشرات يمكن القياس عليها، وإجراءات من الممكن أن يقوم بها أحمد الشرع إذا أراد بالفعل إثبات أنه ماض على طريق بناء دولة وطنية ديمقراطية، على النحو الذى يتحدث عنه فى كل مناسبة.
قد يكون الاتفاق الأخير الذى يقضى بإدماج قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ضمن مؤسسات الدولة خطوة على الطريق الصحيح، رغم ما يكتنفها من صعوبات، ولكن هناك خطوات أخرى مهمة منها: تشكيل حكومة تضم كل مكونات المجتمع السوري، وأيضا تشكيل مجلس تشريعى مؤقت يعكس التنوع السياسى والثقافى والجغرافى، ويضاف إليهما شأن ثالث وهو إيجاد لجنة رفيعة لوضع الدستور، لا يغلب عليها لون واحد، والبدء فى عملية إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ولاسيما الجيش والقوات الأمنية، بحيث لا يكون عمادها فقط الميليشيات الجهادية، بل تضم مختلف شرائح المجتمع السورى، فعلا لا قولا، وقد يتطلب الأمر الاستعانة بمن لهم خبرات فى هذا المجال والذين عملوا فى دولاب الدولة السورية، ولا يعنى حتما أنهم كانوا مرتبطين عقائديا ومصلحيا بنظام بشار الأسد، فضلا عن الحرص على أن يكون هناك حوار وطنى حقيقى وليس شكليا، بما قد يتضمن إتاحة الفرصة أمام الذين لم يشاركوا فى المؤتمر السابق، والاستماع إلى وجهات نظر متعددة.
هذه إجراءات يستطيع أحمد الشرع أن يقوم بها إذا أراد، أو كانت له القدرة على فرض «تصور الدولة» فى مواجهة «تصور الميليشيات» السائد، والذى يعبر فى جانب منه عن تجربة «إدلب»، والتى افتقرت إلى الديمقراطية، وليس من اليسير نقلها لتصبح هى صيغة الحكم فى عموم الدولة. ولا أظن أن أمام الإدارة السورية الوقت، رغم بعض الدعم الغربى والعربى الذى تتمتع به، بل عليه أن يسرع فى تهدئة الأحوال المضطربة، ولجم شهوة الانتقام لدى المليشيات المسلحة، التى يصعب عليها أن تطبق القانون بينما كانت هى ذاتها إحدى القوى التى تعمل خارج دولة القانون. ومن غير المتصور أن يبنى الشرع «دولة»، مثلما يؤكد منذ يومه الأول فى دمشق، بينما تسود الذهنية الطائفية، والميليشياوية، وتصبح مؤسسات الدولة هى ذاتها أدوات جهادية لا وطنية.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات