العلم والتكنولوجيا فى العملية التعليمية - محمد زهران - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العلم والتكنولوجيا فى العملية التعليمية

نشر فى : السبت 5 فبراير 2022 - 8:00 م | آخر تحديث : السبت 5 فبراير 2022 - 8:00 م

العملية التعليمية سواء المدرسية أو الجامعية هى من أكثر الموضوعات التى تشغل بال الأسر عندنا فى مصر لا يفوقها فى ذلك إلا كرة القدم، الصوت الأعلى بين الناس وفى الصحف للتعليم المدرسى ولا سيما الثانوية العامة والتى حتى الآن تضع الأهل والأبناء تحت ضغوط نفسية كبيرة نتيجة للأعباء المالية التى تتحملها الأسر ونتيجة للضغط على الأبناء للحصول على مجموع كبير يؤهلهم للدخول إلى الجامعة وإلى إحدى كليات القمة حتى وإن لم يعملوا بنفس المجال عند التخرج، لكن المهم الشهادة والوجاهة الاجتماعية، والحصول على تقدير مقبول فى إحدى الكليات أفضل من التفوق فى التعليم الفنى مثلا، وهذه مشكلة اجتماعية كبيرة تحدثنا عنها فى السابق وسنتحدث عنها فى المستقبل ولكن موضوعنا اليوم هو كيف تتأثر العملية التعليمية بالعلم وبالتكنولوجيا، وأنا أكتب هذه السطور أضع أمامى التعليم الجامعى لأنى أكثر احتكاكا به بحكم عملى كأستاذ جامعى لكنى أعتقد أن أغلب ما سنتحدث عنه اليوم ينسحب أيضا على التعليم المدرسى.
العملية التعليمية تتكون من أربعة أضلاع: الطالب والمدرس والمحتوى ووسيلة توصيل المحتوى للطالب، فى عالم مثالى هذه الأضلاع الأربعة تتكامل لتعطى المنتج النهائى وهو شخص متعلم تعليما يمكنه من أن يكون عضوا نافعا فى المجتمع.
المشكلة الأساسية أن كل طالب له شخصية مختلفة عن الآخرين وطريقته فى التعلم مختلفة أيضا،
نظريا حتى نحصل على أفضل النتائج يجب أن نضع الطلاب المتشابهين سويا ومعهم مدرس متمرس فى التعامل مع هذا النوع من الشخصيات، لكن فى الواقع هذا شىء صعب جدا لكثرة عدد الطلاب وتنوع شخصياتهم وقلة عدد المدرسين وقلة القاعات إلخ، الحل الأكثر واقعية أن يكون هناك فريق عمل مكون من خبراء علم نفس وعلم اجتماع وتربية يساعدون المدرس أو الأستاذ الجامعى عن طريق تدريبه على كيفية التعامل مع كل شخصية من شخصيات الطلاب، أنا أعلم أن هناك دورات لإعداد المعلم ولكن هذا لا يكفى، فى تدريسى فى الجامعة استعنت مرة بأستاذة علم نفس التعلم لتحسين طريقة إعطاء المعلومة للطلاب، حضرت الخبيرة محاضرتى وسجلتها فيديو ثم حللتها وأعطتنى تقريرا وتوصيات، إذا علوم النفس والاجتماع والتربية تساعد المدرس وبالتالى الطالب، بقى ضلعان من أضلاع العملية التعليمية: المحتوى ووسيلة توصيل المحتوى للطالب، وهنا يأتى دور التكنولوجيا.
المادة العلمية نفسها هى تخصص المدرس أو الأستاذ وهو أعلم بما يجب تدرسيه لكن وضع هذا المحتوى فى الشكل المناسب وتوصيله للطلبة بالشكل الأفضل لكل طالب يحتاج مساعدة من فريق متخصص فى تكنولوجيات التعليم.
الشكل التقليدى للتدريس هو مدرس وأمامه سبورة ويلقى المحاضرة ويستعمل السبورة للتوضيح، ثم تطور الأمر وأصبح هناك جهاز اللابتوب وعليه ما يريد المدرس عرضه على شاشة كبيرة، لكن هل هذا يكفى؟ هناك عدد كبير من البرمجيات تحاول تحسين ذلك مثل البرمجيات التى تسجل المحاضرة ثم تحولها لكلمات يستطيع الطالب قراءتها عند الاستذكار وعندما يضغط على بعض السطور فإن البرنامج يعرض فيديو تلك الفقرة من المحاضرة، وهناك برمجيات فى طور التطوير الآن تستطيع تلخيص المحاضرة للطالب، هناك برمجيات أخرى تساعد فى المناقشة أثناء المحاضرة، فمثلا يستطيع كل طالب باستخدام جهازه الخاص كتابة وجهة نظره فى نقطة معينة أثارها الأستاذ والبرنامج سيعرض على شاشة كبيرة وجهات النظر المختلفة ويضعها بشكل يظهر الاختلافات والاتفاقات بينها إلخ، هناك برمجيات أخرى تعطى الطالب أسئلة متدرجة فى الصعوبة ثم تشرح له بالتفصيل أين الخطأ فى إجابته وهذا أعقد من مجرد إظهار الحل الصحيح.
الأمثلة كثيرة عن أنواع التكنولوجيات المستخدمة فى التعليم وهناك شركات كثيرة ظهرت فى الأعوام الأخيرة متخصصة فى تصنيع تلك التكنولوجيات، لكن مع وجود كل هذه الاختيارات ما هى أفضل تكنولوجيا يمكنك استخدامها مع طلابك؟ هنا أيضا يأتى دور علماء النفس والاجتماع والتربية لمساعدة المدرس على الاختيار.
ما تكلمنا عنه هو غيض من فيض عن دور العلم والتكنولوجيا فى العملية التعليمية والسنتان الأخيرتان دفعتا الكثير من الجامعات إلى استخدام أو على الأقل تجربة تكنولوجيات جديدة نظرا لاضطرار الجميع للجلوس والدارسة من البيت نتيجة للكورونا، وهذا التأثير سيمتد لما بعد الكورونا، أعتقد أن شكل التعليم سيتغير للأبد فى الجامعات فى السنين القليلة القادمة والانطلاق كان من وقت الكورونا العصيب.
هل نطمح فى وجود فريق الأحلام هذا عندنا فى مصر المكون من المدرس وعلماء الاجتماع والتربية والنفس بالإضافة إلى خبراء فى تكنولوجيات التعليم؟

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات