إذا بقى الوضع على ما هو عليه الآن فى حياتنا السياسية، فإن كل الطرق فى مصر الآن ستؤدى إلى «شلالات دم».. هذه حقيقة علمية مؤكدة، وليست مجرد افتراضات سياسية تتسم بالتشاؤم أو المبالغة، فما يحدث فى محافظات القناة وعلى رأسها بورسعيد، وما يحدث فى المنصورة والمحلة، يرسل إشارات واضحة بأن ملايين الغاضبين والناقمين على سياسات الإخوان، فقدوا الأمل فى أى حل سلمى لأزمة الحكم فى مصر، وأنهم وجدوا فى العنف الطريق الوحيد لإثبات وجودهم، والتعبير عن رأيهم بأن الإخوان سرقوا ثورة يناير لحسابهم الخاص ويسعون لبناء نفس دولة مبارك ولكن برجال المرشد!
فالإخوان فى سعيهم المجنون لبناء دولة على مقاس اختياراتهم الفكرية ومصالحهم التجارية فى أسرع وقت ممكن، لم يقدموا أى نموذج بديل لدولة مبارك بكل ما فيها من تشوهات بنيوية، تمثلت فى عدم قدرتها على تنمية اقتصادها بشكل يقضى على الفقر بالتوزيع العادل للثروة الوطنية، أو يوفر تعليما مناسبا وعلاجا حقيقيا لملايين المعدمين، والأكثر من ذلك ان كبار رجال البيزنس فى تنظيم الإخوان يسعون منذ عدة أشهر لعقد الصفقات من رجال اعمال عصر مبارك، وكأن ثورة يناير قد قامت فقط لتمهيد الطريق امام مليونيرات الإخوان لإعادة اقتسام كعكة الاقتصاد القومى مع مليونيرات مبارك!
لم يفهم الإخوان ــ حتى الآن ــ أن هناك جيلا جديدا فى مصر ينتمى إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ثاروا ضد نظام مبارك حتى اسقطوه، من أجل بناء دولة جديدة تتسم بقدر اكبر من العدالة، وليس لكى يعطوا للإخوان شيكا على بياض ليعيدوا انتاج نفس دولة مبارك بشعارات تتمسح بالدين!
ولم يدرك الإخوان حتى الآن ــ وربما لن يدركوا أبدا ــ أنهم يحكمون مصر، كما لو كانوا يديرون شركة يسعون من خلالها لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لمؤسساتهم التجارية، ولم يفهم الإخوان ــ وبالقطع لن يفهموا ذلك أبدا ــ ان أزمة النظم الرأسمالية فى العالم الثالث انها ستظل تابعة للرأسمالية العالمية فى امريكا وإسرائيل، بحكم مفاهيم العولمة التى جعلت من العالم كما لو كان قرية واحدة.
أزمة الاخوان فى حكم مصر بلا حل، فهم لن يستطيعوا بناء اقتصاد مستقل، ولن يستطيعوا توفير فرص عمل لملايين العاطلين، ولن يتمكنوا من القضاء على الفقر والسيطرة على ارتفاع الأسعار، ولن يقدموا للناس سوى أوهام مؤجلة ليوم الدين، بحل أزماتهم المعيشية الطاحنة!
الإخوان قدموا كل المبررات لملايين الفقراء فى مصر للجوء للعنف، ولم يعد سرا ان الكثير من التجمعاب الشبابية من التيارات الليبرالية والاشتراكية بدأت تفقد إيمانها بشعارات «الثورة السلمية» التى رفعتها خلال ثورة يناير، وانه لا بديل عن مواجهة عنف الإخوان إلا بالدم، ومواجهة الرصاص بالرصاص، وساعتها سيكون الجيش هو الحل.. رغم إرادة الجميع، ورغم اننا سنكون على موعد مع المجهول !