الطريق لا يزال ممتدًا - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطريق لا يزال ممتدًا

نشر فى : الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 8:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 8:15 ص

الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وهو استحقاق مؤجل، جاء وقت تحقيقه، وسط مخاوف من تركيبة البرلمان المقبل. هناك ساسة يتحرقون شوقا لمجلس النواب الذى يمثل مساحة حركة، وتمدد بالنسبة لهم، وهناك صراع بين قديم يريد العودة وإثبات الوجود، وجديد ينازع على البقاء.

مشهد معقد، عنوانه «لابد من برلمان»، الذى صار أقرب إلى التحقق، ولكن الإشكالية هل سيكون المجلس الجديد رقما مهما فى بناء المؤسسات السياسية؟

هناك إشكاليات تعترض طريقه. أولا: القوى السياسية باختلاف مسمياتها واتجاهاتها ضعيفة، وليس لها حضور أو ثقل جماهيرى. ثانيا: لا يوجد حزب حاكم، يمكن أن يشكل رمانة الميزان فى معادلة التمثيل البرلمانى، بل كل ما هو متوقع تشكيل لا توجد فيه اغلبية وأقلية، بل شكل مثل الموزاييك. ثالثا: هناك إرهاق شعبى، ورفض للسياسة التى ارتبطت فى الأذهان بالمظاهرات، والاحتجاجات، وتعطيل مصالح المواطنين، وبالتالى يتوقع أن تنخفض معدلات الاهتمام بالظاهرة الانتخابية، والمشاركة بالتصويت فيها. رابعا: حياد مؤسسات الدولة فى الانتخابات يشكل تحديا كبيرا، نظرا لوجود شعور بأهمية الهندسة السياسية فى هذا الخصوص، وعدم ترك تشكيل البرلمان للمصادفة أو للتفاعلات غير المحسوبة.

بالطبع سيكون هناك برلمان أيا كان شكله، وهى خطوة مهمة، لكنه فى الممارسة لن يشفى غليل قطاعات واسعة من المجتمع تفتح وعيها، وتريد أن ترى ممارسة سياسية تصنع قوانين للصالح العام، وتراقب أعمال السلطة التنفيذية فى ضوء الصالح العام. المجتمع لا يزال مضطربا. لم يحسم بعد الصراع بين المصالح الشخصية والصالح العام، ولم تتحدد على نحو قاطع العلاقة بين المال والسلطة، ولم يتصالح المجتمع بشأن ما حدث خلال السنوات الأربع الماضية، لا يزال هناك من يطلب ثأرا، ومن يريد أن يصفى حسابات، ومن يريد الاقصاء والاستبعاد، الخ.

اللافت أن الديمقراطيات المستقرة هى الأخرى بدأت تعانى من أعراض شيخوخة ديمقراطية تتمثل فى ضعف الاحزاب، وانصراف الجماهير عن المشاركة، وتزايد ثقل المال السياسى، وبزوغ دول استطاعت أن تحقق النمو الاقتصادى دون ديمقراطية بالمعنى الغربى مثل الصين وبعض النماذج الاسيوية الأخرى، يضاف إلى ذلك أن تصاعد التطرف والإرهاب من ناحية، وتزايد نفوذ الجريمة المنظمة من اتجار فى مخدرات ومهربات وسلاح وبشر، خلق للمجتمعات جميعا، شرقا وغربا، إشكالية تحقيق التوازن بين الديمقراطية والأمن، بين حقوق وحريات المواطن فى المشاركة والتغيير، وحقوق المواطن فى الأمن. هناك دأب فى المعاهد العلمية فى العديد من دول العالم لمناقشة السبيل لتطوير الآليات الديمقراطية حتى تضمن مشاركة جماهيرية أفضل، وتعزز حقوق المواطنة، وتعطى أملا لأجيال من الشباب فى إمكانية التغيير السياسى بعد أن أوصدت المصالح الاقتصادية الكبرى الأبواب أمام آليات الحراك الديمقراطى، وعلا صوت سلاح المال.

انتخابات البرلمان خطوة للأمام، مثلما كان وضع الدستور والانتخابات الرئاسية، رغم ما شاب كليهما من انتقادات، وسوف يشوب الانتخابات البرلمانية انتقادات، لكن تمثل جميعها خطوات نحو بناء سياسى، غير مكتمل، وغير ديمقراطى بالكلية، لأن التحول الديمقراطى مسألة تستغرق سنوات، وتتطلب مؤسسات سياسية، ووعيا تعليميا وثقافيا، ومستوى اقتصاديا أفضل، وهكذا تسير حركة الشعوب فى جدل مستمر نحو التغيير.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات