القوات الحكومية الإثيوبية تواصل قصف إقليم التيجراى فى حين أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والإفريقية تقول إنها تضغط وتتوسط من اجل وقف القتال والتوصل إلى تسوية سياسية للازمة التى تعيشها البلاد منذ شهور طويلة.
فى هذا المكان نشرت العديد من المقالات عن تطورات الازمة ومنها: «لماذا تجدد النزاع الداخلى فى إثيوبيا» بتاريخ
الثلاثاء 30 أغسطس الماضي، واليوم نتابع الحالة الراهنة وموقف كلا الطرفين: أى الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب التيجراى، ثم دخول ارتيريا إلى حلبة الصراع للمرة الثانية.
الحالة الراهنة فى النزاع:
أولا: تفرض الحكومة الفيدرالية أسلوب الحصار والتجويع فى حربها ضد اقليم التيجراى ويكاد يكون هناك «حصار جزئى» مفروض من الحكومة الفيدرالية، وتستخدم المجاعة والحصار كوسيلة للحرب، منذ يونيو 2021، مع قطع خدماتها وانقطاع التيار الكهربائى وروابط الطرق التى تخضع لرقابة مشددة من قبل القوات الفيدرالية والقوات الإقليمية المتحالفة معها.
ثانيا: إن لجنة خبراء حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المعنية بإثيوبيا ذكرت فى تقريرها إنهم يعتقدون أن الحرمان من هذه الخدمات والعوائق أمام الغذاء والرعاية الصحية يرقى إلى «جرائم ضد الإنسانية». وقالوا أيضا إنهم يعتقدون أن الحكومة الفيدرالية الإثيوبية «ترتكب جريمة الحرب المتمثلة فى استخدام المجاعة كوسيلة للحرب».
ثالثا: سمحت الهدنة بتدفق بعض المساعدات إلى التيجراى بين أبريل وأغسطس الماضيين من هذا العام، تحت تدقيق حكومى شديد، ولكن لم يكن هناك ما يكفى من الوقود للتوزيع، كما يعتقد أن الآلاف لقوا حتفهم فى المنطقة بسبب الجوع ونقص الأدوية.
بالنسبة لجبهة تحرير شعب التيجراى لا تزال الجبهة تؤمن بان الوصول إلى السودان. من شأنه أن يوفر لهم خط إمداد يمكنهم من خلاله جلب الأسلحة، وكذلك الطعام. كلما ارادوا العودة إلى منطقة غرب التيجراى الخصبة وتتضمن الأراضى المتنازع عليها مع قوات أمهرة وبأنها تخصهم منذ احتلالها فى نوفمبر 2020.
رابعا: يتزامن كل ذلك مع حالة الغموض فى موقف الحكومة الفيدرالية. إذا أجبرها المجتمع الدولى على إجراء المحادثات، فتحاول اللجوء إلى إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بقوات التيجراى بينما يستمر القتال.
خامسا: وفى نفس الوقت تحاول الحكومة الفيدرالية أيضا بمحاولة الاستيلاء على المناطق التى تستخدمها جبهة تحرير شعب التيجراى لتهريب الأسلحة وتدريب المقاتلين. من اجل تحقيق أهداف عسكرية محدودة، وتسجيل نقاط للدعاية، وإعطاء المسئولين الفيدراليين المزيد من النفوذ عند بدء المحادثات.
تجدد دخول إريتريا لحلبة الصراع
سادسا: تشارك ارتيريا حاليا فى حشد قواتها مع القوات الفيدرالية فى اقليم العفر، وان الجيشين الإثيوبى والإريترى ربما يستعدان للضغط على عاصمة التيجراى «ميكيلى»، فى محاولة لتحقيق نصر عسكرى كامل.
سابعا: ورغم ما سبق فهناك تقارير تتحدث عن تدهور العلاقات بين أبى أحمد والزعيم الإريترى أسياس أفورقى، الذى شنت قواته حملة من الاغتصاب والقتل والجوع القسرى فى التيجراى. ولكن الهجمات الجديدة على الاقليم تشير إلى أن العلاقات بينهما قد تحسنت.
ثامنا: بالاضافة إلى ان اسياس افورقى يحمل ضغينة شخصية ضد قادة جبهة تحرير شعب التيجراى، الذين كانوا القوة المهيمنة فى السياسة الإثيوبية عندما ذهب البلدان إلى الحرب فى الفترة من 1998ــ2000 ولكن اختلفا على ترسيم الحدود المشتركة مما ادى إلى قيام حرب دموية طويلة بينهما.
جهود الوساطة وإلى أين وصلت؟
تاسعا ــ كثف المجتمع الدولى جهود الوساطة خلال هذه الجولة من القتال، حيث توفر الولايات المتحدة القوة الدبلوماسية الرئيسية وراء الكواليس.
عاشرا: رحبت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) بدعوة تيشرتى فى وقت سابق من هذا الشهر لإجراء محادثات سلام، وكلف الرئيس ويليام روتو سلفه كرئيس كينى، أوهورو كينياتا، بالمساعدة فى إيجاد صفقة بين تيجراى وأديس أبابا.
جرت المحادثات التى توسط فيها المبعوث الأمريكى للقرن الأفريقى، مايك هامر، فى جيبوتى فى وقت سابق من هذا الشهر، لكنها انتهت دون اتفاق فى الأسبوع الماضى وهناك تقارير اخري تتحدث عن مفاوضات جديدة ستجري قريبا.
حادى عشر: قال هامر: «ان السبب الرئيسى هو: لا توجد ثقة من أى من الجانبين فى أنه يمكن الوثوق بالآخر»، مضيفا: «ولكن بصفتنا الولايات المتحدة، وغيرها، سنواصل جهودنا لمحاولة مساعدة الطرفين على بناء بعض الثقة» مما يجعلنا سنعيش مع وضع ساكن وطويل الأمد».
الخلاصة: يتجه الرأى إلى ان المهمة شاقة وطويلة وتتمثل فى التوصل إلى حل القضايا السياسية المستعصية. وتشمل هذه: الموافقة على حدود التيجراى؛ ووضعها داخل النظام الفيدرالى الإثيوبى؛ والتوصل إلى تسوية على قوتها المسلحة الكبيرة.
وإلى أن يحدث هذا فيمكن للطرفين الموافقة على هدنة أخرى قصيرة الأجل لتبطئ من هذه القضايا، ولكن من يمنع ان يتبع ذلك ببساطة المزيد من القتال فى غضون بضعة أشهر اخرى كما حدث سابقا وتستمر الدوامة؟».
السفير الدكتور مجدى حفنى سفير مصر الأسبق فى إثيوبيا