فى مقالتين نشرا فى جريده الشروق، قلت إن حل الصراع الداخلى فى إثيوبيا ليس قريبا، وكان المقال الأول فى ٩ سبتمبر الماضى، والثانى وعنوانه «الفيدرالية الإثيوبية على المحك» في (٧ نوفمبر الجارى).
هذا التوقع لا يزال قائما بل ويترسخ كل يوم خصوصا مع اشتداد المعارك واستعادة قوات جبهة التيجراى TPLF زمام المبادرة وتحقيقها انتصارات متتالية، وخاصة الاستيلاء على مدينة ديسى وكمبولشا الاستراتيجية. وقبل أيام قليلة استولت على مدينة دبرى سينا التى لا تبعد سوى 189 كيلومترا شمال شرق العاصمه أديس أبابا، وقبلها بأيام قليلة استولت المعارضة على مدينة «شيفا ــ روبيت»، وأهمية دبرى سينا أنها تقع على احد الطرق السريعة الاستراتيجية.
تطور ميدانى مهم أيضا هو الفيديو الذى نشرته جبهة تحرير تيجراى لأسرى الجيش الاتحادى وعددهم 11 ألف اسير، والمؤكد أن نشر هذا الفيديو سوف يتسبب فى زيادة الضغط على القوات الاتحادية.
كل هذه التطورات المتلاحقة اضطرت آبى احمد رئيس الوزراء الاثيوبى إلى اعلان حاله الطوارئ فى جميع انحاء البلاد، والطلب من المدنيين التطوع فى الجيش الاتحادى وحمل السلاح للدفاع عن العاصمة ثم اعلن الاسبوع الماضى انه سيقود بنفسه القتال ضد التيجراى، وأنه سلم رئاسة الحكومة إلى نائبه الذى يشغل ايضا منصب وزير الخارجية.
وبجانب هذه التطورات الميدانية المتسارعة فمن المهم أيضا أن نركز على الموقف الأمريكى لأنه فى اعتقادى مفتاح حل الأزمة ولأن لديه إمكانية الضغط على الاطراف للتفاوض، ونوضح ذلك فى الآتى:
1ــ يتسم الموقف الأمريكى عامه بالقلق المتزايد بل والتهديد بفرض العقوبات على إثيوبيا لاسباب تتعلق بحقوق الإنسان.
2ــ يتواجد المبعوث الأمريكى للقرن الافريقى فى إثيوبيا جيفبرى فيلتمان للملمة الاوضاع المتدهورة، وايجاد مخُرج للصراع الداخلى من خلال التفاوض.
3ــ يتضح الموقف الأمريكى ايضا بجلاء على لسان وزير الخارجيه بلينكن، «فقد نادى فى ١٢ نوفمبر بوقف القتال وجلوس الاطراف للتفاوض، وأنه لا حل عسكريا للنزاع».
4ــ كما نادى المتحدث الإقليمى باسم الخارجية الأمريكية، قائلا: «الوضع فى إثيوبيا خطير جدا.. وندعو الجميع للتفاوض».
5ــ التطور المهم قبل أيام هو أن الولايات المتحدة طلبت من رعاياها مغادرة إثيوبيا على الفور، وفى تطور لاحق قالت إن بعض قواتها المتمركزة فى جيبوتى على أهبة الاستعداد للتدخل لترحيل المواطنين الامريكيين إذا استمرت الأوضاع الامنية فى التفاقم. وهذا التطور يعكس إلى حد كبير أن الأمور خرجت بالفعل عن السيطرة.
6ــ عرضت المجلة الامريكيه Foreign Affairs (بتاريخ ٨ نوفمبر الجاري) لثلاثة سيناريوهات مع التعليق «بأن أحلاها مر»، وهى:
السيناريو الأول انتصار متمردى تيجراى والقوات المتحالفة معهم (وقد وضع فى بداية السيناريوهات المحتملة فى ظل الوضع على الأرض واقتراب القوات من العاصمة والسيطرة على مدن استراتيجية فى البلاد».
والسيناريو الثانى، «حدوث تسوية الأزمة بين إقليمى تيجراى وأورومو والحكومة الإثيوبية، تضمن عدم الزحف نحو العاصمة والحفاظ على الأراضى المكتسبة حتى الآن وإجراء استفتاء فى الإقليمين للانفصال عن إثيوبيا».
والسيناريو الثالث: انقلاب ناعم على آبى وهناك ترجيح لهذا السيناريو الثالث، وانضمام آبى احمد إلى قائمة القادة الأفارقة المخلوعين بالانقلابات، ويتوقع السيناريو إمكانية إزاحة قادة الجيش الإثيوبى لآبى أحمد من الحكم، إذ يمثل عائقًا كبيرًا فى البلاد.
7ــ اتفق مع ما خلصت اليه المجلة الامريكيه «بقولها إن جميع السيناريوهات تهدد بقاء الدولة الإثيوبية، وما سبق و اوضحناه من «أن الفيدرالية الإثيوبية اصبحت على المحك».
وذهبت المجلة الأمريكية إلى أبعد من ذلك لكى تخلص إلى «أن التحدى الأكبر فى كل السيناريوهات هو إقناع المواطنين بفكرة الدولة الموحدة، وإعادة بناء البنية التحتية وتقديم الخدمات لكل العرقيات المختلفة فى البلاد».
د. مجدى حفنى ــ سفير مصر الأسبق فى إثيوبيا