فتح تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية باكتشاف يورانيوم عالى التخصيب فى مفاعل إنشاص، شهية ملايين المصريين لامتلاك قنبلة نووية، ندخل بها نادى الكبار، ونواجه بها أعداءنا ونوقفهم عند حدهم..
وقد ظهرت أهمية القنبلة النووية فى أكثر من مناسبة.. كان أقربها عام 2003 عندما غزت القوات الأمريكية بمساعدة أصدقائها العراق، وأسقطت نظام صدام حسين الذى كان يستطيع بقنبلة نووية واحدة، أن يتجنب حماقات جورج بوش، تماما مثلما تفعل كوريا الشمالية وتحذو حذوها إيران الآن.. وفى حرب أكتوبر 73 عندما قامت قواتنا المسلحة بمعجزة العبور وهزمت القوات الإسرائيلية هزيمة ساحقة قبل أن تنهمر الأسلحة الأمريكية من المخازن إلى سيناء مباشرة، أصيب موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك بالذعر، وأمر بنصب قنابل نووية على الصواريخ للتهديد بإطلاقها على مصر وسوريا إذا تعرض وجود إسرائيل للخطر، وليضغط على واشنطن لإنقاذه من الهزيمة العسكرية التى شعر بها تحيط برقبته.
ومع أننا بدأنا برنامجنا النووى فى مصر بالتزامن مع إسرائيل عام 1955، إلا أنهم كالعادة كانوا أكثر جدية ونجحوا بالحيلة وبالمناورات فى صنع أولى قنابلهم النووية فى أقل من عشرين عاما، فى حين تخلينا نحن عن الحلم النووى فى منتصف الطريق وبدون أى أسباب منطقية.. فبعد هزيمة يونيو 67 قرر عبدالناصر ــ فى خطأ فادح ــ التركيز على بناء القوات المسلحة وتوجيه كل مواردنا الاقتصادية وهى بالقطع محدودة لتسليح الجيش، وفى منتصف السبعينيات شهد البرنامج النووى المصرى تراجعا شديدا خاصة مع توقيع اتفاقات كامب ديفيد مع إسرائيل، وتبنى سياسة الانفتاح الاقتصادى ورفع شعارات على شاكلة إن حرب أكتوبر هى آخر الحروب.. فى نفس الوقت الذى كانت فيه إسرائيل تنمى ترسانتها النووية وتضيف إليها المزيد من القنابل، بل وتضرب أى محاولة عربية لاكتساب التكنولوجيا النووية كما حدث بتدميرها مفاعل أوزيراك العراقى، خلال اجتماع كان بيجين يعقده مع السادات للتباحث فى دفع مسيرة السلام بين البلدين!
ومنذ عدة سنوات والصحف الأمريكية تنشر تسريبات مخابراتية عن مساع مصرية سرية لتخصيب اليورانيوم، وهى تحذر من أن هذه التجارب لها أهداف عسكرية وهو ما نفته القاهرة ــ بالطبع ــ جملة وتفصيلا.
ومع إن البعض يجزم أننا الآن فى عصر أصبح فيه العثور على لبن العصفور أسهل من امتلاك قنبلة نووية.. إلا أن الأبواب مفتوحة أمامنا لامتلاك التكنولوجيا النووية فى المجال المدنى والعلمى فى مختلف التطبيقات، انتظارا لظرف سياسى موات نمتلك فيه أولى قنابلنا النووية، نصل بها إلى حالة الردع النووى المتبادل مع إسرائيل.. وساعتها، سوف تفكر إسرائيل مرتين قبل ارتكاب أى حماقة عسكرية، كما سوف نجد من ينصت إلينا حينما نطالب بإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية!