يبدأ خلال ايام المهرجان القومى للمسرح المصرى وهى مبادرة مهمة لدعم المسرحيين وابراز دورهم لكن إلى الآن لم افهم المعايير التى وضعها الفنان الممثل أحمد عبدالعزيز فى اختيار المكرمين ولم أفهم بالتالى المعايير التى تم على أساسها استبعاد اسم المخرج المسرحى الراحل محمد أبوالسعود والناقد الأكاديمى الراحل د. حازم عزمى من التكريم وهما من ابرز الوجوه التى ارتبطت بحركة المسرح المستقل عبر العشرين عاما الاخيرة.
وقد لاحظت ان قائمة المكرمين الراحلين شملت كل من رحلوا خلال العام من فنانين ومخرجين ومتخصصين فى الإدارة المسرحية وهذه سنة حميدة كنت أتمنى تعميمها لتشمل الجميع ولا تستثنى أحدا.
وقد أبلغت الفنان أحمد عبدالعزيز عبر وسطاء مباشرين وفى وقت مبكر بأسماء من سقطوا سهوا من اللائحة ومن بينهم الصديق الأعز المخرج محمد أبوالسعود وأضاف البعض اسم حازم عزمى عن استحقاق وجدارة وتوقعت من عبدالعزيز المبادرة بتصحيح القائمة وترميمها بحيث تشمل جميع من رحلوا تحقيقا لمبدأ العدالة الفنية.
وعرفت من مصادر موثوقة أن اسم عبدالسعود بالتحديد أثار جدلا داخل اجتماعات اللجنة العليا للمهرجان وتحجج البعض بأن اسمه تم تكريمه فى مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى وذلك عقب وفاته بأيام وهذه حجة صحيحة ولكن لا معنى لها، لأنه بالإمكان إثبات أن أسماء لفنانين آخرين اعلن عن تكريمهم وجرى تكريم بعضهم فى مناسبات أخرى أكبر وأهم من مهرجان شرم الشيخ المسرحى.
وأكد آخرون أن الاسم لم يطرح أصلا وقال البعض إن رئيس المهرجان لم يكن يعرف الراحل شخصيا ولم يشاهد له أى عرض حتى يتمكن من تقييم أعماله وتقدير مدى استحقاقه للتكريم وهى أيضا حجة رغم نبلها لا معنى لها لأن عروض الراحل تم تقييمها عند عرضها من أسماء بحجم نهاد صليحة وهدى وصفى وعبلة الروينى ومنحة البطراوى ومايسة زكى وسامية حبيب التى ترأس واحدة من لجان التحكيم داخل المهرجان.
وكل هؤلاء النقاد كتبوا مقالات أو مرثيات فى المخرج الراحل، كما أنه من غير المنطقى أن يدفع أبوالسعود ثمن السنوات التى سقطت سهوا من ذاكرة أحمد عبدالعزيز خلال غيابه عن المسرح وانشغاله بنجوميته التلفزيونية التى جعلت من وجوده فى المهرجان تعبيرا مثاليا عن حالة تشبه حال المستشرقين الذين يفدون إلى بلادنا لدراسة وتقييم ما فيها.
ورغم أننى ناشدت إدارة المهرجان من خلال صفحتى الشخصية على «فيس بوك» اعلان معاييرها فى تكريم البعض واستبعاد البعض الاخر ودعوتها لتصحيح ما أراه خطأ جسيما بحق الراحلين الا أننى لم أتلق ردا منهم وراهنتنى صديقة من فنانات المسرح ــ ويبدو أنها كسبت الرهان ــ أن رجال المهرجان «ودن من طين وودن من عجين» وأكدت لى أن وجود أبوالسعود وحازم عزمى يزعج اللجنة لأن الصوتين كانا من المعبرين عن حضور الفرق المستقلة ومن أدلتها الواضحة على أناقة الوعى ووضوح الرؤية وأكدت انهما ذاهبان إلى النسيان مثلما ذهب مخرج عبقرى اخر هو منصور محمد الذى مات كمدا منتصف التسعينيات او كما ذهب شهداء حريق مسرح بنى سويف وطالبتنى الصديقة بالعودة لأوراقى وفيها مقالا كنت نشرته لمحمد أبوالسعود فى صحيفة القاهرة قال فيه بوضوح: «إنه فى بلادنا تم عزل الفنان صاحب الرؤية المختلفة اذا تضخمت آليات القهر والاستبعاد التى قد تصل إلى الاتهام بالجنون أو العمالة وبفضلها يتم إخلاء الساحة لحصر المسرح فى قيمة الترفيه والتسلية فقط وفى حدود المسموح به».
وانتهى الراحل إلى الايمان بأنه: «وسط مناخ يرتاب ويرفض المختلف والجديد من باب عدم إزعاج أولى الأمر الذين هم فى الواقع ينتمون لطائفة المسرحيين ولكنهم فى الحقيقة أولاد المؤسسة الطيبين الذين يرضى الأب عنهم، بعد تقديم شروط الطاعة والولاء بمنحهم العطف وسلطة إدارة دولاب العمل، فهم ــ وهذا نصه ــ لا يجرؤون الا على تقديم ما قدمه أساتذتهم فى طبعات مكررة ومستنسخة ومهادنة يغطون بها إحتياجات المسئولين الراغبين دوما فى أن يظل المسرح جعجة بلا طحن لتبدو العجلة وكأنها تدور ولكنها لا تدور، لأن الأهم تسيير دولاب العمل وترضية كتائب المنتفعين ومهندسى الميزانيات وشبكات المصالح والوقوف كحائط سد منيع أمام أى فنان خارج «القبيلة».
شكرا يا صديقى الرائى فقد فهمت الآن فقط لماذا يخافون منك حيّا وميتا.