انتابتنى دهشة مرة وأنا أطالع تصريحات نقيب الأطباء الدكتور حمدى السيد فى مجلس الشعب «النقابة لديها فتوى شرعية من مفتى الجمهورية بجواز دفع الزكاة للأطباء. لذلك فتحنا باب التبرع للأطباء ولكن من الأطباء فقط». رد الدكتور على جمعة وربما متبرأ من الأمر معقبا «إنها فتوى قديمة منذ ثلاث سنوات».
أفتى على نهج السلف وكانت فتواهم تتعلق دائما بملابسات الأمر المعروض ولا علاقة للمفتى بسياقه لذا كانت فتواهم دائما ما تبدأ «إذا كان الأمر كذلك فالرأى هو....» أفتى المفتى فيما يملك فمن الواضح أنهم شرحوا له الأمر اجتماعيا وكان رده فقهيا.
لا أحد يمكنه أن ينكر تردى أحوال الأطباء خاصة الشباب منهم المادية ورواتبهم الهزيلة وبدلاتهم المؤجلة دائما. لكن الأمر أيضا ينسحب على قدراتهم العلمية وأدواتهم الضعيفة وتدريبهم القاصر وفرصهم المحدودة وهى مشكلة يعانى منها كل شباب هذا الوطن فلماذا يختلف الأمر عند الأطباء وحدهم.
لماذا يجب أن نعقد الآمال على الحكومة فى مواجهة القضايا الحقيقية كقضية الأطباء الشبان ويبدو حضوره قويا فى قضايا خيرية لرعاية الأيتام وإطعام الفقراء.
هناك تجارب باهرة لبلاد سبقتنا كان للمجتمع الأهلى فيها أدوار فاعلة كما أن بناءه لم ينتظر فيها تدخل الحكومة إنما تعاون معها. إذا كانت الحكومة فى بلادنا لا تضمن لكل خريجى كلية الطب مكانا ملائما ودخلا كافيا وتدريبا راقيا فلماذا لا تتبنى النقابة دعم مشروع تعاونى ملائما لهم يتبناه رجال الأعمال على اختلاف مجالات أعمالهم لبناء عيادات يعمل فيها الممارس العام إلى جانب الإخصائى والاستشارى. مشروع قومى يبدأ من أطراف الصعيد والواحات يعتمد على دراسة جيدة تتيح الفائدة للمواطن المحروم من أبسط الحقوق والطبيب الشاب ورجل الأعمال فى آن واحد. تدريب الأطباء ونفقات أبحاثهم وبداياتهم ترعاها جهات أهلية فى أكثر من بلاد العالم تقدما عن طريق قروض تسدد على آجال طويلة تضمن لهم حياة كريمة آمنة تتيح تفوقهم وتضمن تأهيلهم لخدمة المرضى على أفضل مستوى. أليس هذا أجدى من انتظار الصدقات ومال الزكاة وشنطة رمضان ولو بفتوى من المفتى وحتى إذا كان الأمر كذلك؟!