لا أدرى ماذا نفعل أمام طوفان تقارير أمن الدولة المسربة على الإنترنت، فالكثير منها يمس قضايا تتعلق بالأمن القومى وتفشى أسرارا فى غاية الإثارة.. أحد هذه التقارير يتحدث عن «خناقة» بين جمال مبارك ورجل الأعمال الشهير حسين سالم حول نسبة عمولتيهما من حصيلة تصدير الغاز لإسرائيل التى تبلغ 2.5 مليار دولار، وتزعم هذه التقارير أن جمال خطط مع العادلى لتنفيذ تفجيرات شرم الشيخ عام 2005 التى راح ضحيتها 88 مصريا، للانتقام من حسين سالم الذى رفض إعطاءه عمولة 10% من تصدير الغاز لإسرائيل وأعطاه 2.5% فقط.. ولو صحت هذه المعلومات فسوف نكون أمام قضية جنائية، وليست مجرد قضية سياسية تتعلق ببيع الغاز لإسرائيل بأسعار مخفضة، فجمال سيكون فى هذه الحالة متهما بالقتل وليس بالفساد فقط.. وهو ما ينبغى التحقيق فيه فورا، لإبراء ذمة جمال من هذه التهم أو إدانته بها.

تقارير أخرى تتحدث عن علاقات نسائية وعلاقات مشبوهة لشخصيات شهيرة وبتفاصيل تصلح مادة خصبة للأفلام الهندية الشعبية.. وتقارير ثالثة تتحدث عن تجنيد أمن الدولة لمئات الصحفيين والإعلاميين والفنانين والرياضيين وأساتذة الجامعة والنقابات والأحزاب والجمعيات الأهلية، وتكشف فسادا لا يتخيله عقل.. حيث حصل هؤلاء المتعاونون على مزايا مالية وأدبية لم يكن لينالوها لولا تعاونهم مع الأمن، وعلى حساب عشرات الكفاءات التى وضعت على الرف بعد أن أصبحوا من «المغضوب عليهم»، والخطرين على النظام طبقا لمفاهيم أمنية ضيقة.

مثل هذه النوعية من التقارير المسربة ينبغى أن تخضع لفحص دقيق من مختلف الجهات المعنية، لمعرفة صدق أو كذب هذه التقارير.. فقد ينتهز البعض الفرصة ليفبرك تقارير تشوه صورة خصومهم، كما قد يفبرك المتعاونون مع الأمن تقارير اخرى ليحاولوا التشكيك فى التقارير الصحيحة التى تثبت إدانتهم فى التجسس على زملائهم، أو أداء عملهم طبقا للتعليمات والتوجيهات الأمنية...

أمن الدولة بوضعه وبضباطه ينبغى حله فورا، وبناء هيكل أمنى جديد يعرف كيف يحافظ على أمن المواطنين ويدرك قيمة حقوق الإنسان، لا أن يتحول إلى أداة قمع كما كان يحدث فى عصر مبارك.. وقبل ذلك كله مواجهة فوضى التقارير المنسوبة لأمن الدولة التى تتعلق بنجوم المجتمع مثل جمال مبارك وبمن لا يعرفهم أحد من الموظفين و الطلاب والعمال.