نشرت الشروق صباح الجمعة خبرا يجب التوقف أمامه طويلا فهو لا يستحق التعليق فقط إنما يستحق أيضا مساءلة مسئوله. الأستاذة أسماء سرور كانت قد نشرت فى وقت سابق تصريحات للدكتور عمرو قنديل رئيس قطاع الطب الوقائى لوزارة الصحة أكد فيها أنه قد انتهى من التعاقد على كميات الأمصال واللقاحات الواقية وأن الوزارة قد استكملت استعداداتها وأن الأمصال واللقاحات متوافرة فى كل مستشفيات ومؤسسات الوزارة المعنية بنشاطات الوقاية لكنها عادت لتكتب ذلك الخبر البالغ الغرابة صباح الجمعة. وفقا لتصريح أحد قيادات الوزارة، والذى طلب الاحتفاظ باسمه، أن الوزارة لم تتعاقد على شراء أمصال أو إنتاج لقاحات على الإطلاق وأن أول تداعيات هذا الأمر هو العجز عن بداية حملة شلل الأطفال المتبع بدايتها فى أوائل أكتوبر من كل عام.
الخبر ضم ما هو أغرب: عرضت السعودية أن تهدى وزارة الصحة منحة تغطى احتياجاتها من الأمصال واللقاحات لخمس سنوات مقبلة كاملة لكن الأمر يجب أن يمر بوزارة التعاون الدولى. ما زال العرض ساريا لكن الرد للتكرم بالموافقة أو الرفض ما زال قيد البحث.
يا الله، هل من المعقول أن يدلى رئيس قطاع الطب الوقائى بتصريح يتعلق بأمانة عمله وصحة أطفال المصريين عارٍ عن الصحة بتلك البساطة؟
لمصلحة من.. ولماذا؟
إذا كان الخبر غير صحيح فالأمر بلا شك يحتاج من سيادته ردا واضح فالأمر لا يتعلق بشخصه فقط إنما يتعلق بالثقة فى الحكومة.
العالم بأسره يتحرك الآن فى اتجاه الوقاية التى هى فى نظر العلم أهم من العلاج ونحن نجلس فى صفوف المتفرجين.. العالم بأسره يتعامل مع الحقائق مجردة، يقاوم الأمراض والأوبئة بالعلم والعلاجات الحديثة والأمصال واللقاحات المتطورة آخرها ما يجرى الإعداد له لمقاومة الألزهايمر ونحن نقاومها بدفن رءوسنا فى الرمال أو الإدلاء بتصريحات من تلك النوعية علنا لم ننس بعد كيف تمت إقالة وزير صحة سابق لأنه زود حرم الرئيس السابق بمعلومات غير صحيحة عن شلل الأطفال فى مصر فاستخدمتها فى حديث لها فى اجتماع لمنظمة عالمية الأمر الذى وضعها فى حرج بالغ حينما نهضت صحفية متمرسة وبيدها تقرير صحيح من معلومات مؤكدة مخالفة.
لا أظننى أتوقف عن التساؤل إذا لم يتفضل الدكتور عمرو قنديل بتوضيح الموقف ومصارحتنا بحقيقة الموقف.
ما هو مستقبل الطب الوقائى فى مصر؟ هل له موقع يستحقه على خريطة أعمال وزارة الصحة؟
هل حقا يمكننا رفض عرض مثل الذى تقدمت به السعودية أو حتى التأخر فى قبوله لأى سبب أيا كان، متى كان بالفعل جديا خالصا لوجه الله والاخوة؟
من الشجاعة أن نعترف بأننا بلد قد اجتمعت عليه كل الأسباب التى تجعل منه بيئة خصبة للمرض فهل يعجز أيضا عن التفكير فى سبل الوقاية وتوفيرها حماية لأطفال خلال سنوات قليلة يصبحون شباب هذا الوطن؟