المرتزقة في إفريقيا جزء من المشكلة وليس الحل - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأحد 5 يناير 2025 2:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرتزقة في إفريقيا جزء من المشكلة وليس الحل

نشر فى : الجمعة 8 أكتوبر 2021 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 8 أكتوبر 2021 - 9:40 م

نشر موقع World Politics Review مقالا للكاتب هوارد فرنش، يقول فيه إن لجوء الحكومات الأفريقية إلى المرتزقة لمواجهة المتمردين هو استجابة خاطئة لحل المشكلة. ومن وجهة نظره، يرى أن سبب المشكلة هو عدم احترام الحكومات لشعوبها، وانصرافها عن تلبية احتياجاتهم ومن ثم يكون الانشغال والارتباط بالرعايا بشكل أفضل هو الحل الأمثل وليس استقدام المرتزقة.. نعرض منه ما يلى.
فى عام 1997، لجأ موبوتو سيسى سيكو، حاكم البلاد المعروفة آنذاك باسم زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا)، إلى مرتزقة من صربيا وأوكرانيا فى محاولة يائسة لصد العصيان المتسارع ضده. حدث ذلك بعد أن تخلى عنه داعموه الغربيون، بلجيكا والولايات المتحدة.
بدا المرتزقة مخيفين وأنهم يمتلكون كل ما يحتاجونه للدفاع عن البلاد، من قذائف الهاون والمدفعية إلى طائرات الهليكوبتر الهجومية. وبدا الجنرال الزائيرى المسئول عن العملية منتصرا وقال عن المتمردين: «هذا هو المكان الذى ينتهى فيه هجومهم».
لكن عندما جاء اليوم الذى اختار فيه المتمردون مهاجمة مدينة كيسنغانى، اختفى جميع المرتزقة من الفندق الذى كانوا يقيمون فيه، والشيء التالى الذى حدث هو أن جميع الطائرات فى المطار اشتعلت فيها النيران، وقال مسئول فى الأمم المتحدة: «كانت هناك قنابل تنفجر والكثير من إطلاق النار». كما قال مسئول زائيرى: «لقد غادر كل الجنرالات كيسنغانى، بالقوارب، أو عن طريق البر، بأى وسيلة كانت».
هذه القصة من زائير، جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا، هى ذات صلة اليوم، لأن نسخة منها تظهر فى حركة بطيئة فى جزء آخر من القارة، مالى. لقد انقلبت الحكومة المؤقتة التى أعقبت الانقلاب فى مالى على فرنسا مؤخرًا، والتى تعد شريكها الأمنى منذ فترة طويلة، متهمة إياها بعدم القيام بما يكفى لمساعدتها. الآن، من أجل محاربة القوات غير النظامية، تلجأ حكومة مالى المؤقتة إلى المقاول العسكرى الروسى، مجموعة فاجنر، للمساعدة فى إعداد نوع من المرتزقة لا يختلف كثيرًا عن مرتزقة زائير، مما أثار حفيظة فرنسا.
لم تجد أى دولة غربية نفسها فى مثل هذا الوضع مثل فرنسا، التى هى فى أمس الحاجة إلى الحفاظ على مجموعة من العلاقات مع بعض الحكومات فى أفريقيا، ليس فقط لمكافحة الهجرة والتطرف، ولكن بسبب شعور عميق الجذور أن مكانتها فى العالم كقوة شبه عظمى تعتمد كليًا على هذا.
فى كل الأحوال، هذا النوع من الوسائل (الاستعانة بالمرتزقة) يحدث ليس فقط فى زائير، ولكن فى العديد من البلدان الأفريقية، لذلك من المتوقع أن ينتهى الأمر بخيبة أمل أو كارثة للشعب المالى، كما حدث فى زائير.
يعود التشكك فى عدم نجاح المرتزقة إلى الشعور بأنه فى كل حالة تقريبًا لجأت فيها حكومة أفريقية إلى المرتزقة، كان ذلك ردًا على خطأ فى تشخيص مشاكلها. عدم نجاح حاكم زائير فى صد المتمردين الذين يجتاحون بلاده، وعدم قدرة مالى على دحر تمردها الإسلامى، لم يكن بسبب أى نقص فى المعدات أو التدريب لكن نتجت إخفاقاتهم عن عدم قدرة الدولة على إثبات نفسها فى أعين مواطنيها ومواطناتها من خلال الوقوف إلى جانبهم باستمرار. هذا يتطلب أكثر بكثير من الكفاءة العسكرية، هذا يعنى، من بين أمور أخرى، توفير مزيج ثابت من السلع والخدمات الاجتماعية التى يمكن الاعتماد عليها، من التعليم والصحة إلى الطرق والكهرباء.
القادة الذين يلجأون إلى المرتزقة غالبا ما يكونون بعيدين عن رعاياهم وغير مهتمين بمشاكلهم. إنهم يعطون الانطباع بأنهم أكثر اهتمامًا بوضعهم الخاص ورفاهيتهم، فلا يتم قطع الكهرباء عنهم أبدًا، لأنهم يحصلون عليها من المولدات الكبيرة الخاصة وغيرها من الحلول خارج الشبكة. وغالبًا ما يذهب أطفالهم إلى المدرسة أو يعيشون فى الخارج. وعند ظهور أول علامة على وجود مشكلة صحية بهم، يسافرون إلى باريس أو لندن أو أى مكان آخر فى الغرب للحصول على رعاية متخصصة، حيث لم يكلفوا أنفسهم عناء الاستثمار فى الرعاية الطبية فى وطنهم.
ولسنوات عديدة، كان الغرب يتوهم أنه من خلال ما يسمى «بناء القدرات» يمكنه أن يدعم الحكومات فى أفريقيا ومن ثم تخدم القضايا الغربية بشكل أفضل، ويمكن أن تقوم بتلبية احتياجات رعاياها. هذا العنصر الثانى (تلبية حاجات الرعايا) كان دائمًا فى مرتبة متأخرة. بعبارة أخرى، تحولت أولويات الغرب إلى محاربة التطرف الإسلامى فى أفريقيا وإبطاء الهجرة من القارة إلى أوروبا ومنع تقدم الاتحاد السوفيتى فى أفريقيا. وعلى هذا الأساس، تبدأ الأولويات التى تتعلق برفاهية شعوب البلدان الأفريقية بالتلاشى مقارنة بالحاجة الملحة لمتابعة أهداف الغرب الخارجية.
إجمالا، لا يمكن أن يكون هناك بديل عن إرادة الناس. ولكى تكون رئيسة أو رئيس الدولة فعالا، يجب أن يكسب احترام شعبه من خلال شيء له مغزى أكبر كالسير فى طريق تحقيق الديمقراطية. يجب أن يُنظر إلى الحكومة على أنها حريصة وفعالة وغير فاسدة فى تقديم الخدمات. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فستظل عالقة فى دعمها إلى الأبد، وفى اللحظة التى يتراخى فيها هذا الدعم، ستسقط.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3lhKqAE

التعليقات