يحدث كثيرا أن يختلف الناس فى الرأى، يتجادلون، يتخاصمون، يصل صراخهم إلى أبعد مكان فى العالم، ولكن ثمة حدود دائما لكل خلاف فى وجهات النظر، وما نشاهده اليوم على ساحات التواصل الاجتماعى من هجوم بذيء على مختلف الأسماء التى قد تكون مثيرة للجدل هو أمر مؤسف حقا، والمؤسف أكثر أن هذه البذاءات تزداد قبحا حين يكون الطرف المستهدف امرأة.. وهكذا يستسهل البعض إيذاء الأعراض بذريعة حفظ الأعراض!.
يظن البعض أن هذه هى الطريقة الأسهل لكسر إرادة الأنثى فى مجتمع محافظ، الضغط على وتر السمعة الشخصية هو فى ظنهم أسهل طريقة لقمع المرأة التى تتعاطى شأنا عاما بدلا من استنزاف العقل المعلق عبر مقارعتها الحجة بالحجة، وهكذا يلجأ ضعيف الحجة إلى حيلته القديمة البائسة المتمثلة فى شخصنة النقاش وتوجيه الإساءات الشخصية إلى الطرف الآخر وترويج الإشاعات حوله دون وضع أى اعتبار لأثر ذلك عليه وعلى أسرته، ولكنها ظنون خائبة بالطبع.. لأن هذه البذاءات المتطايرة عبر شبكة الإنترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعى قد تكون مؤذية فى بداية الأمر، ولكنها مع مرور الوقت تزيد من تم استهدافه بها قوة، وتزيد من أطلقها ضعفا، حيث تطير هذه البذاءات بين الناس، ثم ترتد على أصحابها فتكشف عن قبحهم وعدوانيتهم وصبيانية تعاطيهم مع القضايا العامة.
لا شك أن اللجوء إلى القضاء لمطاردة أصحاب هذه الإساءات هو الحل الوحيد المتاح أمام المستهدفات بهذه الإساءات المؤسفة، هؤلاء غالبا ما يجدون أن التجاهل هو العلاج الأمثل لصد هذه التفاهات وتحجيمها ومحاصرتها كى تبقى حبيسة العقل الضيق الذى صدرت عنه.
فى كل الأحوال، ما يسطره البعض على شبكات التواصل الاجتماعى من إساءات شخصية مباشرة تجاه عدد من الناشطات أو الإعلاميات التى قد يختلف معهن فى الرأى أو فى طريقة التعاطى مع القضايا العامة أو فى أى شيء آخر يكشف عن علة مزمنة يعانى منها المجتمع، ولن يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.. وتتمثل أعراض هذه العلة فى أنه يعتبر من يخالفه فى الرأى حول قضية عامة عدوا شخصيا يحق له أن يستخدم كل وسيلة لإيذائه حتى لو دفعه ذلك للتخلى عن أخلاقه.. إنه باختصار سريالى يخوض حربا غير أخلاقية للدفاع عن الأخلاق!.