صناعة النخبة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صناعة النخبة

نشر فى : الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 - 8:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 - 8:20 م

عندما كنت طالبا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منذ نحو ثلاثين سنة لم تكن الأنشطة الطلابية تتجاوز مجلات الحائط، والندوات، ومعارض الكتب، وربما بعض الرحلات. ولكن الحياة تغيرت، وصارت هناك مساحات من الإبداع، والتعبير عن رأى، والتفاعل على الفضاء الالكترونى. ومن الضرورى أن توفر المؤسسات التعليمية مساحات للطلاب والطالبات للتعبير عن آرائهم، لأن ذلك جانب مهما فى التكوين الثقافى بالنسبة لهم. سبقنا على هذا المضمار جامعات ومعاهد علمية فى الخارج، كانت أول من استفاد من الثورة التكنولوجيا فى تعميق حرية التعبير.
منذ أيام أجرت معى حوارا مجلة تصدر عن الكلية اسمها «النخبة»، تصدر بالعربية والانجليزية والفرنسية، وشعارها «نحن نصنع النخب»، هو تعبير يعكس شعورا بالتفوق العلمى والثقافى. وقد تبوأ خريجو الكلية منذ إنشائها مواقع مهمة فى المؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية، وكثير من طلابها العرب شغلوا مناصب عليا فى دولهم. فهى كلية «النخبة»، يلتحق بها طلاب متفوقون، ويشعر الخريجون منها بفخر الانتساب إليها. المجلة «أون لاين»، وهى سمة العصر، لم تعد تعلق على حائط أو تطبع، ولكن تُوضع فى الفضاء الالكترونى. ملفتة فى تصميمها، تعتمد فى الموضوعات التى تقدمها على انتاج الطلاب والطالبات وشباب أعضاء هيئة التدريس، أكثر ما تعتمد على مقالات كبار أساتذة الكلية، باستثناء مقال للدكتورة نيفين مسعد، التى تكتب بلغة بديعة أقرب إلى السرد الأدبى، وتختار ببراعة نوعية الموضوعات التى تناسب كل مطبوعة تكتب فيها. وتشمل المجلة موضوعات متنوعة تجمع بين التعليق السياسى، والرأى، والتحقيق الصحفى، والفن، وغيرها، ولا تخلو من أوجه نقد تشعر عند مطالعتها بحيوية المرحلة العمرية للطلاب والطالبات التى يكتبون فيها.
بالطبع فى خلفية المشهد عميد الكلية الدكتور محمود السعيد، ووكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب الدكتورة حنان حسن، ولكن يقوم بتحرير المطبوعة الباحث رامى مجدى وهو مدرس مساعد بقسم علوم سياسية، وتعاونه الباحثة كارولين شريف، وهى معيدة بقسم الإحصاء.
إذا عندنا إلى صناعة «النخبة»، فإنه بالتأكيد تقدم الكلية للدارسين بها معارف منظمة سياسية واقتصادية، تشكل البنية الأساسية للوعى لديهم، ولكن صناعة «النخبة» عملية معقدة، يقع العبء الأكبر فيها على النخبة نفسها من ناحية، وعلى مؤسسات أخرى من ناحية أخرى. هناك من خريجى الكلية طلاب وطالبات «شطار» قضوا سنوات دراستهم فى الحفظ والاستظهار، وتخرجوا منها وشغلوا وظائف فى أماكن عدة، لكن لم يلمعوا فى سماء المجتمع، رغم أن بعضهم قد يكون متفوقا على المستوى التقنى أو الفنى. وهناك خريجون آخرون، لم يكتفوا بالدراسة، وربما بعضهم لم يكن ممن يحصدون التقديرات المرتفعة، لكنهم انغمسوا فى الثقافة العامة، وانشغلوا بالشأن العام، والمشاركة فى العمل المدنى، وصارت لهم اسهامات متنوعة على الصعيد الوطنى العام. هناك دائما فرق بين المتعلم والمثقف، الشاطر والمبدع، وليست النخبة تعبيرا عن مجتمع الشطار، قدر ما هى تجمع للمبدعين، أصحاب الرؤى العميقة، والنظرات البعيدة.
هناك جهات كثيرة تصنع النخب. الإعلام يصنع نخبة، والسجادة الحمراء فى مهرجانات السينما تصنع نخبة، وملاعب الكرة تصنع نخبة، والشارع يصنع نخبة، ولكن النخبة التى نتطلع إليها دائما هى التى تسهم فى التنمية، والتغيير الاجتماعى، وتطوير المجتمع إلى الأفضل. هذه لا يصنعها سوى التعليم والثقافة والمشاركة.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات