«المنظومة» تُجدد شبابها بأصوات المرتكبين ــ المرتبكين! - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«المنظومة» تُجدد شبابها بأصوات المرتكبين ــ المرتبكين!

نشر فى : الإثنين 9 مايو 2022 - 9:40 م | آخر تحديث : الإثنين 9 مايو 2022 - 9:59 م
نشر موقع 180 مقالا بتاريخ 7 مايو للكاتب نصرى الصايغ، يقول فيه إن تغيير النظام فى لبنان أمر مستحيل، فالطائفية متينة ومحمية عربيا ودوليا، ولن تقوى الانتخابات البرلمانية المقبلة على تغيير الأوضاع... نعرض من المقال ما يلى.
هل صحيح أن لبنان مقبل على التغيير؟ غريب! التعويل على التغيير خرافة بَلقَاء. تغيير ماذا؟ النظام! تبين فى خلال قرن كامل أنه نظامٌ خالد ومزمن و.. قاتل أيضا. نظامٌ غير قابل للتعديل أو التقليل من كوارثه. إصلاحه أضغاث أحلام. هو صديق المستحيل.
يشبه طموح تغيير النظام فى لبنان من «يروبص» فى منامه. لا أمل فى أن يتوقف «حزب التغيير» المتعدد اللهجات. لأن الشعار سلعة رائجة وسارية.. هذا النظام لا يخشى الكلام. إنه متين. متراس مُدعَم. من ابتدعه، لديه عبقرية جهنمية. قيل لنا: ابدأوا بتنظيم الطائفية وإشباعها. بعدها، انتقلوا إلى الدولة. خلطوا الطوائف بالدولة. أكلت الطوائف الدولة، وأقامت بديلا: أعمدة هيكل لا تقوى عليها آلهة هشة وصغيرة، تصف نفسها بأنها علمانية. من بعد، هزمت العلمانية من دون معركة.
عمر هذا النظام سيطول. لن يتغير فى أيامنا. الأديان والطوائف والأقليات، مستشرسة ومفترسة ومصانة من قوى دولية عظمى. لا يتغير، وهذا يقين صارم. وعليه، فليكف مرشحو التغيير عن التصويب على إزاحة النظام. لبنان هو نظامه. من دون طوائفية، لم يكن للبنان هذا أن يولد.. الطوائف ولدت لبنان، لا العكس.
طلاب التغيير، لا أعرف إن كانوا يصدقون أنفسهم. هذا جنون قاصر عن الفعل، ومهذار فى الكلام. هذا وهم وكذب لأكثرية مغامرة، اجتاحها جنون المستحيل: التغيير.. العرف يقتضى منا أن نفهم، كيف سيغيرون النظام؟ بمن سيغيرون؟ وفق قانون انتخابى معتل، طائفيا دستوريا وإنسانيا. النظام الطائفى أثبت أنه همجى، بربرى، تقسيمى، توافقى، أى تحاصصى. نظام مدعوم عربيا، من عرب الكلام لا أكثر. نظام محمى دوليا، من الدول المتخمة بالديموقراطية والحرية والمسئولة أمام شعوبها. كل دولة تمتطى طائفة.
متى يرعوى هؤلاء «الطيبون» ويتوقفون عن أحلام اليقظة؟ قليل من التواضع فقط. قولوا، مثلا، إننا نحلم بتغيير النظام.. سنحلم معكم. لا أثمان للأحلام. هذه الأحلام، مقبولة وشرعية، بشرط التنبه إلى أنها بعيدة المنال، فى أحسن الأحوال، أو مستحيلة فى أسوأها.
•••
حسنا. ننتقل إلى شعار أكثر تواضعا: تغيير السلطة، أو ما درجنا على تسميته المنظومة. هذا جيد ويعزف على الجراح. شعار انتقامى مع وقف التنفيذ. صحيح أنه لا يمكن السكوت عن «سياسة» واحدة مزمنة، أرست عرفا أبديا حيث المناصب السلطوية والإدارية و… هى ملك دائم ومتوارث. عائلات وطوائف وعشائر مزمنة، أعطيت حظوظا إلهية. السلطة هبة طائفية لا يقوى عليها انتخاب.
الطغمة، ليست عابرة. هى أصيلة وأصلها محروس بسلالة من العبيد، الذين استعاضوا عن السير بأقدامهم، بالزحف على جباههم، وهم يتقنون الطاعة، لقاء رضى أو مكرمة ضحلة ومذلة. هذه الطغمة قوية ومزمنة ومتجددة ومتشعبة ومسيطرة.
الطغمة ازدادت جنونا وعظمة وعصمة. لذا هى راسخة سياسيا. ومعروف أن هذا النظام سابق على ترسيم الكيان وتزويده بنصوص فاخرة، دستوريا وقانونيا. إلا أنه مصاب النكران. الدستور والقوانين فى لبنان ــ ديكور فقط. لذا، احذروا صناديق الاقتراع، لأنها ستجدد شباب السلطة (المنظومة). ماذا بعد؟
لا بد من الاعتراف بمهنية وعبقرية السياسيين فى لبنان. يتقنون كل فنون الوصول والتسلط ونظافة الكلام والتعبير. تسمعهم، فتقول، إنهم من جنس الصدِيقين وسبط الملائكة. تراقبهم، فتجد أنهم وكلاء الشياطين. والعالم الراهن مكتظ بالشياطين، وإلا كيف نُفسر الحروب الزاحفة، وكيف نُصدق الغلط، ونعتبر العنف مقدسا؟
المراهنون على نتائج الانتخابات بأنها ستكون وسيلة للتطوير أو التطويق أو فتح ثغرة، نواياهم سليمة ربما، ولكن عفويتهم تمنعهم من قراءة الواقع وتجذر مصالح الطوائف والزعامات المقامرة بالدين والناس. هؤلاء الذين دمروا لبنان مرارا، سيطوبون غدا، بناة ما تبقى من لبنان. طغمة شريرة لا مفر منها.
عجيب. التغييريون واعون ومتعلمون، ولكنهم لم يتدربوا بعد على عبقرية الطائفية، ومصالح الدول، بما فيها «الغرب»، الذى أسس هذه الكيانات، ونصب الطوائف والعائلات هنا وهناك.. ومن المحيط إلى الخليج، ملوكا وأمراء وعائلات وطوائف. عبث.
•••
التاريخ اللبنانى عبر بوضوح أنه ليس سيدا ولا مستقلا. مضمون السيادة، أن يكون سكان لبنان لبنانيين أولا. هذا مستحيل. كى تستقيم أمور الدولة، لا بد من أن ينتمى إليها بالمواطنة، فلا شىء يتقدم على الانتماء إليها.. للمرة الألف، لا وجود لشعب فى لبنان. إنهم فصائل طائفية. تاريخ لبنان كان طائفيا. مؤرخو تاريخ لبنان، انحازوا إلى تاريخ يرضى طوائفهم. لبنان متعدد ومختلف. اللبنانى المقبل من طائفته. من كان مسلما، أفقه إسلامى. لا يمكن أن يمارس استقلالية لبنانية، لأن اللبنانية مهجورة ومهجرة. المارونى شديد الاتصال بالغرب، الذى كان فى زمن ما مسيحيا عن جد. السنى، كذلك. لبنان لا يكفيه. يتطلع إلى مصر عبدالناصر ثم أخيرا إلى السعودية. الشيعى مقيم فى لبنان ومرتحل ومتحد حتى بإيران. وهذا أمر طبيعى فى لبنان.. الأدوار لا تتغير. فالمارونى لن يكون إيرانيا أو سعوديا أو.. ويسهل عليه أن يكون غربيا والسنى يصعب عليه أن يكون إيرانيا، بل يستحيل ذلك وكذلك الشيعى.. إلى آخر الانتماءات.
والمنتخبون التابعون، على دين طوائفهم. هم جحافل تتلقى النصيحة كأمر. تأكدوا من أمر كان متوقعا، استعفى سعد الحريرى من السياسة. ارتجت الانتخابات والتحالفات. والسنة فى كل وادٍ يهيمون.
إذا، شعار بناء الدولة مستحيل. التغيير بعيد المنال، ولن يحصل أبدا، إلا بعد تغيير المجتمع. ولهذا شروط صعبة، لا يستجيب لها اللبنانى فى عصر العواء الطائفى.
أما بعد. على قادة الحملات الانتخابية وأصحاب الحماسة الزائدة، وأتابع اليقين بأن التغيير يبدأ بعد 15 مايو 2022 عبر صناديق الاقتراع… عليهم أن يجيبوا على أسئلة متداولة وسهلة وجارحة: هل سألتم إن كنتم قادرين على معرفة مصائر ودائعكم؟ اسألوا مرشحيكم التقليديين المرتكبين، و«الأنقياء» الذين يتربصون بالمناسبة، لحجز مكان فى المستقبل.. اسألوهم. كذابون. نهابون. فماذا أنتم فاعلون يا أبناء الطائفية؟
هل سألتم مرشحيكم عن رواتبكم؟ ذابت؟ ما الجواب؟ لم تسألوا ربما، لأنهم لم يأتوا على ذكر ذلك فى صولاتهم الدولية والإقليمية. ماذا قالوا عن المرض والاستشفاء وحبة الدواء؟ اللبنانى مرشح لأن يمرض وقد يموت على حافة المستشفى.. لا يجيبونكم لأنكم لم تسألوا. أخذوكم إلى ما بعد أوكرانيا. لا شىء أبدا. سألتموهم عن جنون الأسعار وتفاهة الليرة؟ لا شىء؟ ماذا قالوا عن السلع الغذائية، رغيفا ومشتقات اللقمة الناشفة؟ لا شىء. ربما لم تسألوهم عن الكهرباء والطاقة والدفء فى الشتاء. ماذا قالوا لكم عن القضاء، وعن المحاسبة والمساءلة؟ لا تجرأون. اسألوهم عن التحقيق بجريمة انفجار المرفأ. ماذا قالوا لكم؟ لا شىء. هل سألتم عن البيطار؟ أو عن سواه؟ هل نسيتم أن هناك وزراء ونوابا تم استدعاؤهم للتحقيق. إنكم تؤمنون الحماية من زمان للمرتكبين. دلونا على برىء من الارتكاب. جريمة الجرائم، تم تخطيها. على كلٍ هذا تاريخ لبنان. القضاء ممحاة وتدريب على النسيان.
إذا ماذا تبقى لهم ليتفوهوا انتخابيا؟ السيادة يا حرام. لبنان مستعبد ومباع ومباح، من زمان. السلاح؟ يا حيف. فكروا قليلا. اقرأوا التاريخ. خافوا قليلا من العدو. هل تصدقون أن هناك مؤامرة على لبنان؟ أنا أصدق. إن المتآمرين على لبنان، لبنانيون. والأسباب، أن اللبنانيين، فى كل واد يهيمون.
جنون هذا. جنون مطبق. ولا مواطن زاحف إلى صناديق الاقتراع سأل المرشحين عن لقمة الناس وصحة الناس وغد الناس. لا أحد طالب المرشحين بكيفية الخروج من جهنم اليوم.
•••
أما بعد، وقد وصل لبنان إلى ما تحت القاع، وبات ميؤوسا منه ويائسا من شفائه، يداوى كبوته، بمزيد من الحفر فى الهاوية.
أود أن أسأل «المتنورين»، «التغييرين». بالرغم من إصابتهم بالأنانية القاتلة، والانتهازية المذمومة، لدى أكثريتهم وأكثريتهن، كما أود أن أسأل المتحمسين للانتخابات ممن يتناطحون إعلاميا وفى الشارع، أود أن أسألهم ما يلى:
ألم تلاحظوا أن المرشحين فى معظمهم غرباء عن لبنان الحقيقى اليوم. ألم يشعر هؤلاء، أنهم يترشحون طائفيا، وينتخبون طائفيا، وموزعون طائفيا. والقانون طائفى؟ هل تقولون لنا، كيف ستغيرون، والقانون الانتخابى طائفى.
هل سألتم المرشحين ماذا سيفعلون؟ إذا أجابوا بنعم. اعرفوا أنهم كذبة. كذبة. كذبة. لبنان أمامه مسار طويل إلى الخلف، لبنان هذا لن ينتحر. لأنه استساغ انتحارنا. فمستحيل أن نصبح شعبا. نصير شعبا إذا تبنا عن الطائفية.
مرة كتبت الانتخاب ارتكاب.
راهنا أقول: كل منتخب مرتكب.

النص الأصلى:

التعليقات