ليس دفاعا عن «فاتن حمامة» - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس دفاعا عن «فاتن حمامة»

نشر فى : الثلاثاء 9 أغسطس 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 أغسطس 2016 - 9:40 م
بالنسبة لى، وأنا لست ناقدا سينمائيا، بل مشاهد غير منتظم للأفلام، لا تشدنى كثيرا بعض الأدوار التى قامت بها الفنانة الراحلة «فاتن حمامة»، وأرى أنها حصلت على مساحة واسعة من الشهرة على حساب فنانات أخريات مبدعات لهن بصمة فى السينما المصرية. وبالرغم من ذلك، فإننى لا أعتقد أن هذا الرأى، الذى قد يشاركنى فيه البعض أو يرفضه، كان سببا لتحريك دعوى قضائية لإلغاء قرار محافظ القليوبية السابق بإطلاق اسمها على مدرسة فى طوخ عام 2015م، وهو العام الذى شهد فى مطلعه رحيلها. الدافع كان أكثر بساطة، حيث رأى البعض أنه لا يجوز أن نطلق اسم «فنانة» على مدرسة، وأيدت محكمة القضاء الإدارى فى حكمها هذا الرأى على اعتبار أن قرار المحافظ يخالف العرف السائد فى البلاد بإطلاق اسماء العلماء والأدباء والسياسيين أو اطلاق اسماء شهداء الوطن على المدارس، ويعد العرف مصدرا اساسيا من مصادر القانون والتشريع فى مصر.

هذا الحكم، الذى نشرته الصحف، كان مثار حوار مكثف، نقدى بالطبع، على صفحات التواصل الاجتماعى. وبعيدا عن الحكم، القاضى له اعتباراته التى لا نتدخل فيها، فإن الذين حركوا الدعوى أظهروا جانبا من النظرة الثقافية السائدة، التى تعتبر «الفنان» ليس مثقفا، أو شخصية عامة، أو له دور ثقافى مؤثر، ولكن مجرد «مشخصاتى» تلاحقه النظرة السلبية. واللافت، أن الفنانة الراحلة «فاتن حمامة» كانت مبدعة، أيا كان تقييمنا الفنى لها، لا ينقص أبدا من قدرها، ولا يقلل من أهمية الجوائز التى حصلت عليها، فقد اختيرت أفضل ممثلة عام 1996م بمناسبة مرور مائة عام على نشاط السينما المصرية، واختير 18 فيلما من أعمالها ضمن أفضل 150 فيلما انتجته السينما، وحصلت من الجامعة الأمريكية عام 1999 على شهادة الدكتوراه الفخرية، وميدالية الشرف من الرئيسين عبدالناصر والسادات، ووسام المرأة العربية من رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريرى، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب، وتوجت، ولقبت باسم «سيدة الشاشة العربية».

نحن إذن لا نتحدث عن شخصية سينمائية عابرة، بل ممثلة مرموقة لها بصمة، وتأثير، وحضور. شرفت مصر بأعمالها الفنية، وامتد تأثيرها إلى العالم العربى، وأكاد أقول إنها كانت أحد عناصر القوة الناعمة المصرية، من «سيدة القصر» إلى «دعاء الكروان» إلى «ضمير أبلة حكمت»، وغيرها من الأعمال الكبرى التى قدمتها، لم يشفع كل ذلك لها أمام المجتمع الذى احتج على قرار المحافظ بأن يكون اسمها على مدرسة.

هل نريد بالفعل أن نغير الثقافة السائدة؟ هل نريد حقا أن نواجه مناخ التطرف الذى يضرب جوانب المجتمع؟ أليس فى انفتاح المجتمع إنسانيا، واجتماعيا، على الثقافة بمختلف أبعادها: فنون رفيعة، سينما، آدب، شعر...إلخ هو المنقذ للارتقاء الوجدان، وإظهار أن الحياة فيها رحابة، وتنوع، واستنارة غير تلك التى تشيعها خطابات التطرف. ألم نتحدث مرارا وتكرارا عن إصلاح التعليم، وتضمين خطابات ثقافية عميقة بداخلة، كيف يحدث ذلك، ونحن نتأذى من أن تكون أسم فنانة، وأيضا امرأة، على مدرسة، كما لو أن ذلك مصدرا للعار، أو خدشا للحياء.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات