تحويلات المصريين بالخارج تتعافى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 11:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحويلات المصريين بالخارج تتعافى

نشر فى : الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:55 م | آخر تحديث : الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:55 م

 من بين أكثر الأخبار إيجابية فى الشهور الأخيرة ما نشرته «الشروق» فى صفحتها الأولى يوم الخميس الماضى، بأن تحويلات  المصريين العاملين فى الخارج، قد ارتفعت خلال شهر يونيو الماضى بنسبة ٦٦٪، لتسجل ٢٫٦ مليار دولار مقابل ١٫٥ مليار دولار خلال نفس الشهر من العام الماضى.

 لماذا هو خبر إيجابى؟

لأنه ببساطة يعنى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج، قد بدأت تعود إلى قرب مستوياتها الطبيعية إلى حد ما، وبالتالى فإنها سوف تسهم فى سد جزء معتبر من احتياجات البلاد من النقد الأجنبى، وهو ما يعنى تقليل وتخفيف الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

ولمن لم يتابع تفاصيل هذه التحويلات فإنها بلغت قمتها قبل بدء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية فى آخر فبراير ٢٠٢٢. وقتها كان المتوسط العام لهذه التحويلات نحو ٣٢ مليار دولار، وأظن أنها كانت تحتل المرتبة الثالثة بين أعلى التحويلات عالميًا.

ولكى نعرف حقيقة الصورة فإن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى ضربت الاقتصاد المصرى قد أدت إلى تراجع تحويلات المصريين بالخارج إلى ٢٢٫١ مليار دولار مقابل ٣١٫٩ مليار فى العام المالى ٢٠٢٢ – ٢٠٢٣ مقابل ٣١٫٩ مليار دولار فى العام المالى ٢٠٢١ – ٢٠٢٢ طبقًا لبيانات البنك المركزى المصرى فى ٤ أكتوبر ٢٠٢٣.

الارتفاع الأخير ليس جديدًا هذا الشهر، فهو مستمر فى تحقيق ارتفاعات متتالية منذ أبريل الماضى، حيث قفز إلى ٧٫٥ مليار دولار خلال الفترة من أبريل إلى يونيو الماضى، وفى شهر مايو الماضى كانت الزيادة بنسبة ٧٣٫٨٪ على أساس سنوى، وبلغت ٢٫٧ مليار دولار.

ولكى نعرف الفارق فإن التحويلات بلغت فى شهر فبراير من هذا العام حوالى ١٫٣ مليار دولار فقط بحسب بيانات البنك المركزى.

المتغير الأساسى فيما يتعلق بتحويلات المصريين بالخارج كان انهيار سعر الجنيه المصرى أمام الدولار ابتداء من ربيع ٢٠٢٢، حينما انسحبت الأموال الساخنة من السوق المصرية، إضافة إلى عوامل أخرى ما خلق سوقًا سوداء للعملة أدت إلى أن الدولار قفز فى بعض الفترات إلى ٧٠ جنيهًا، فى حين كان سعره الرسمى فى البنك نحو ٣١ جنيهًا، وبالتالى لم يكن غريبًا أن يقرر كثير من العاملين فى الخارج عدم التحويل عبر المنافذ الرسمية وهى البنوك، بل تسليمها إلى مستوردين مصريين فى الخارج بسعر السوق السوداء حتى يتمكنوا من تدبير الموارد اللازمة لتجارتهم على أن يتسلم أهالى العاملين فى مصر قيمة هذه الدولارات بالجنيه المصرى بسعر السوق السوداء.

القرار المهم الذى أعاد الأمور إلى نصابها وطريقها الصحيح إلى حد ما، حينما قرر البنك المركزى فى ٦ مارس الماضى توحيد سعر الصرف فى خطوة جريئة، لكنها رفعت سعر الدولار رسميًا إلى معدل يتراوح بين ٤٧ و٥٠ جنيهًا، وبالتالى فإن إحدى النتائج الأساسية لهذا القرار كانت اختفاء السوق السوداء للعملات الأجنبية، وعودة تحويلات المصريين فى الخارج إلى التدفق عبر البنوك الرسمية. هذه العودة تأتى فى وقت شديد الأهمية، حيث أدت التوترات الجيوسياسية بالمنطقة خصوصا تداعيات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى إلى تأثيرات بالغة على الاقتصاد المصرى، خصصا تراجع عائدات قناة السويس إلى أقل من ٣٥٠ مليون دولار شهريًا بدلًا من ٨٥٠ مليون دولار، كما تأثرت الصادرات، وكذلك السياحة إلى حد ما، وهى المصادر الطبيعية للعملات الصعبة. وإذا علمنا أن نسبة المكون الأجنبى فى كل سلعة مصرية تصل إلى حوالى ٧٥٪، فسوف ندرك أهمية عودة تحويلات المصريين لشبه معدلاتها السابقة.

نحتاج إلى تعظيم المصادر الطبيعية للعملة الصعبة خصوصًا فى ظل التحديات الصعبة التى تواجه الاقتصاد المصرى وحزام النار الذى يحيط بمصر من كل جانب.

نحتاج إلى أكبر قدر من السياسات الصحيحة حتى نزيد الصادرات خصوصًا من الزراعة والصناعة، مع تقليل كل ما يمكن تقليله من الورادات غير الأساسية بدلًا من الاعتماد على مصادر غير مأمونة، مثل الأموال الساخنة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي