‎هل يصطدم ترامب مع البريكس؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 11 يناير 2025 10:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

‎هل يصطدم ترامب مع البريكس؟

نشر فى : السبت 11 يناير 2025 - 7:30 م | آخر تحديث : السبت 11 يناير 2025 - 7:30 م

‎هل سينفذ الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب تهديده ويفرض 100٪ رسوما جمركية على منتجات دول مجموعة البريكس إذا قررت إصدار عملة موحدة بعيدا عن الدولار الأمريكى؟

 


‎ترامب سيدخل البيت الأبيض فى 20 من الشهر الحالى، ونتذكر أنه كتب فى الأول من ديسمبر الماضى على منصته «تروث سوشل»: «نطلب التزاما من مجموعة البريكس أنها لن تنشئ عملة ، ولن تدعم أى عملة أخرى لتحل مكان الدولار الأمريكى العظيم وإلا ستواجه هذه الدول رسوما جمركية بنسبة 100 ٪».
‎وبالطبع فإن هذا التهديد جاء بعد أن ناقشت قمة البريكس فى أكتوبر الماضى فى قازان الروسية تعزيز التعامل بالعملات المحلية بعيدا عن الدولار.
‎نتذكر أيضا أن ترامب وخلال حملته الانتخابية هدد الصين بفرض رسوم تصل الى 80٪ على صادراتها لبلاده، كما هدد بفرض رسوم على السلع والبضائع الأوروبية بنسب تتراوح بين 10 - 20٪.
‎فى الإعلان المشترك لقمة قازان كان هناك تعزيز لشبكات البنوك المراسلة داخل البريكس، لكن لم تنجح المجموعة فى إطلاق نظام ينافس النظام الغربى والعالمى ، سويفت، علما بأن أمريكا وأوروبا قررت حظر عمل البنوك الروسية بنظام سويفت فى أعقاب غزوها لأوكرانيا فى فبراير 2022، كما فرضت الكثير من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، بل جمدت لها أصولا اقتصادية كثيرة، وتقوم الآن باستخدام هذه الأصول وفوائدها لتسديد مقابل بعض السلع الاقتصادية والمعدات العسكرية لأوكرانيا
‎وإذا أضفنا تهديداته للبريكس، فالمعنى الأساسى الذى نصل إليه هو أن ترامب يهدد بفرض تعريفات جمركية على معظم دول العالم، ولا ننسى أنه يهدد دول حلف شمال الأطلنطى «الناتو» بضرورة زيادة مساهماتها فى ميزانية الحلف، وإلا ترك روسيا تلتهمهم!
‎مرة أخرى: هل يستطيع ترامب تنفيذ كل تهديداته ضد معظم دول العالم؟
‎ترامب يرفع منذ ولايته الأولى 2016 ــ 2020 شعار «أمريكا أولا»، والهدف الذى يتوخاه هو تعظيم المصالح الاقتصادية لبلاده، وإلا تفقد الريادة الاقتصادية، خصوصا أن هناك هاجسا يقلق أمريكا وهو أن تفقد قيادتها للاقتصاد العالمى بناتج محلى إجمالى يقدر بحوالى 26.9 تريليون دولار فى حين أن الصين التى تأتى خلفها فى المركز الثانى بنحو ١٩.٤ تريليون دولار يمكن ان تسبقها فى عام 2030.
‎للإجابة فان ترامب نفذ فعلا بعض تهديداته فى ولايته الأولى وفرض رسوما جمركية على سلع صينية مصدرة إلى أمريكا بقيمة تصل إلى 250 مليار دولار، لتقليص العجز التجارى الأمريكى الكبير مع الصين والذى بلغ حوالى 383 مليار دولار عام ٢٠٢٢مقابل 419 مليار فى عام 2018 وفقا لمكتب الإحصاء الأمريكى.
‎وفى المقابل ردت الصين بفرض رسوم على السلع الأمريكية المصدرة إليها بقيمة 110 مليارات دولار. وطبقا للهيئة الأمريكية للتجارة الدولية فإن الحرب التجارية بين البلدين كلفت الاقتصاد الأمريكى نحو 1٫7 تريليون دولار بين عامى 2018 و2020.
‎الدولة الثانية بعد الصين فى البريكس هى روسيا ونعلم أن العقوبات الأمريكية والغربية ضد روسيا أدت إلى تراجع الاستثمارات من 21٫7 مليار دولار عام 2013 إلى 9٫2 مليار دولار عام 2020.
‎أما الهند وهى الاقتصاد الثالث الأساسى فى البريكس، فإن أمريكا أنهت الإعفاءات التجارية التى كانت تقدمها للهند بموجب «البرنامج التجارى العام» وشمل 5٫6 مليار دولار من الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة.
‎فى الماضى أيضا هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على صادرات البرازيل من الفولاذ لبلاده بقيمة 4٫4 مليار دولار، كما انخفضت الاستثمارات الأمريكية فى جنوب إفريقيا - البلد الخامس فى البريكس - من 8٫7 مليار دولار عام 2017 إلى 6٫5 مليار دولار فى عام 2020.
‎ما سبق هو ما فعله ترامب بالفعل خلال ولايته الأولى ضد البريكس التى تأسست عام 2009، قبل أن تتوسع وتضم مصر والإمارات والسعودية وإثيوبيا وإيران من أول يناير قبل الماضى.
‎تهديدات ترامب هى جزء من استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمى، مبدئيا واذا كان يهدد كلا من كندا والدنمارك والمكسيك وبنما، فليس مستبعدا أن يهدد أى دولة أخرى، لكن يصعب تصور أن تدخل واشنطن فى صراع تجارى ضخم مع الصين وأوروبا والبريكس وكندا وحلف الناتو فى نفس الوقت ، لأن الاقتصاد الأمريكى هو الذى سيدفع الثمن الأكبر فى صورة ارتفاع أسعار وتضخم وهو آخر شىء يريده ترامب الذى وعد الأمريكيين بالمن والسلوى خلال حملته الانتخابية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي