عن ماذا نكتب؟ - قضايا ثقافية - بوابة الشروق
السبت 11 يناير 2025 10:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن ماذا نكتب؟

نشر فى : السبت 11 يناير 2025 - 7:35 م | آخر تحديث : السبت 11 يناير 2025 - 7:35 م

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، تحدث فيه عن نصائح الفيلسوف الروسى الشهير، ليف تولستوى، لمن يريد أن يكتب.. نعرض من المقال ما يلى:

 


شيئان قالهما الأديب الروسى الكبير ليف تولستوى (1820 ــ 1910) لمواطنه إيفان بونين (1870 ــ 1953) الذى يصغره بخمسين عامًا، ونال جائزة نوبل للآداب عام 1933، والشيئان يتصلان بالكتابة، وقيلا فى مناسبتين مختلفتين جمعتا الرجلين، إحداهما كانت فى أول لقاء بينهما، بعد أن سعى الفتى الموهوب بونين لتحقيق رغبته فى أن يلتقى مع تولستوى الذى كان مأخوذًا بأدبه، وشغوفًا برؤيته ومجالسته.
وقبل أن نأتى على ما قاله تولستوى، وجبت الإشارة إلى أنّ مَنْ عرّفنا بذلك هو المترجم السورى القدير عن الروسية إبراهيم إستنبولى، الذى اختار الإقامة، منذ سنوات، فى عاصمة داغستان بلد رسول حمزتوف، ورغم أنه درس الطب، وأصبح طبيبًا، فإنه عُرف بدأبه فى ترجمة عشرات الكتب من روائع الأدب الروسى إلى العربية صدرت عن دور نشر عربية مختلفة، ومن أبرز ترجماته أعمال المفكر والروائى الروسى ألكساندر كوبرين، وفاز كتابه «استعباد العالم» بجائزة سامى الدروبى للترجمة 2017، ومن ترجماته الأخيرة كتاب بعنوان «تولستوى ــ شهادات معاصرين»، والصادر قبل شهور قليلة عن دار سؤال فى بيروت، حوى شهادة لبونين فيها ورد القولان اللذان سنأتى عليهما.
القول الأول عبارة عن نصيحة أسداها تولستوى للشاب بونين فى لقائهما الأول، فى بيت تولستوى فى موسكو، فبادره بالسؤال: «هل جئت تقصدنى؟ هل أنت كاتب شاب؟ اكتب، اكتب ما دامت لديك رغبة كبيرة فى ذلك»، قبل أن يستدرك: «لكن يجب عليك أن تتذكر أن ذاك يجب ألّا يكون غاية الحياة». هل أراد تولستوى القول إن الكتابة وسيلة لجعل الحياة أفضل وليست هى الغاية بحد ذاتها؟ ربما!، رغم أنه عاد بعد قليل ليقول لبونين: «لا تتوقع الكثير من الحياة.. ولا تنتظر زمنًا أفضل مما هو الآن لديك، لأنه لن يكون سعادة مثل ذلك الوقت. لا توجد سعادة فى الحياة، وإنما ومضات السعادة فحسب. اعرف قيمتها وعشْها». ولا يبدو هذا القول دعوة إلى اليأس، وإنما هو حضّ على اقتناص ما تجود به الحياة من لحظات سعيدة، فقد لا تتكرر ثانية، وسنشعر بالندم على إضاعتها.
فى لقاء آخر، بعد سنوات، سأل تولستوى بونين عما إذا كان يكتب شيئًا ما، فأجابه بالنفى، لأنه ما من شىء يستدعى الكتابة، وهنا نظر تولستوى نحوه «نظرة غير أكيدة وغير حاسمة»، ثم قال: «كيف ذلك.. لا يوجد ما يجدر بالكتابة؟»، قبل أن يضيف: «فى حال لم يكن يوجد شىء لتكتب، إذن فإنه لا يوجد شىء يستحق الكتابة، ولماذا لا يوجد؟. فكّر بصورة جيدة لماذا لا يوجد شىء للكتابة عنه؟ واكتب ذلك.. افعل ذلك». نصيحة من ذهب من كاتب قدير.

قضايا ثقافية قضايا ثقافية
التعليقات