يبدو الكثير من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وكأنهم يدفعون الرئيس محمد مرسى، لإعطائه قسرا عضوية نادى الفراعنة، ليصبح ديكتاتورا جديدا يضاف لقائمة رؤسائنا وزعمائنا الملهمين، الذين كانوا يحكموننا وكأنهم أنصاف آلهة، يفهمون مالا نفهم، ويعلمون مالا نعلم، وعليهم اتخاذ كل ما يعن لهم من قرارات، ولا علينا إلا السمع والطاعة، ثم لا نفيق إلا بعد أن يكونوا قد قذفوا بنا إلى موارد التهلكة!
شىء من هذا القبيل، شاهدناه فى ستاد القاهرة، بعد أن ألقى الرئيس مرسى أطول وأسوأ خطاباته منذ توليه الرئاسة، حيث وجهت دعايات الجماعة أسلحتها الإعلامية لتصوير معارضى الرئيس، وكأنهم معارضون للإسلام، فى ابتزاز سياسى صريح يزيد من اشتعال المناخ الهيستيرى الذى يسيطر على حياتنا فى كل المجالات فى هذه المرحلة من تاريخنا!
الجماعة تجاهلت أن الرئيس مرسى يتحمل مسئولية أخلاقية، قبل أن تكون سياسية، على إخفاقه فى تحقيق برنامج الـ100 يوم، فالرجل الذى وعد فى دعايته الانتخابية بحل أزمة الأمن والمرور ورغيف العيش والطاقة والنظافة فى هذه الفترة القصيرة، كان الأولى به أن يقدم اعتذارا واضحا لكل من انتخبه عن فشله فى تنفيذها، خاصة أن أحدا لم يجبره على إطلاق هذه الوعود. وحتى حزب مصر القوية الذى يتزعمه المرشح الرئاسى عبدالمنعم أبوالفتوح، الذى لا يستطيع أحد أن يشكك فى مرجعيته الإسلامية، وصف خطط الرئيس مرسى لحل مشاكلنا الحياتية، بأنها خطط عشوائية، وأن النسب المئوية التى أعلنها الرئيس بخصوص نجاحه فى تحقيق برنامج الـ100 يوم، تفتقد إلى أى دراسات علمية، وليس لها أى صلة بالواقع!
لا أحد يشكك فى صدق و بساطة الرئيس مرسى ولافى طهارته، بل ولا فى رغبته فى التواصل مع الناس وحل مشاكلهم الصعبة، والتخفيف من الأعباء الضخمة التى تحيل حياتهم إلى جحيم، لكن المؤكد أن الرئيس لم يسلك ــ حتى الآن ــ الطريق الوحيد لتحقيق ما يتوقعه منه ملايين المصريين، باتخاذه قرارات ثورية تتناسب مع ثورة 25 يناير.
فالرئيس حتى الآن يتجاهل الحديث عن وضع حد أدنى واقصى للأجور ،الذى تكرهه مليارديرات الجماعة وتجارها الكباركراهية التحريم.. كما أن الرئيس وحكومته يعيدان نفس نهج مبارك فى معالجتهما لقضية رفع الدعم عن السلع الأساسية، بتجاهل الحديث عن إعطاء ملايين المصريين ــ فى المقابل أجورا عالمية، وكأنه مكتوب على ملايين الفقراء أن يتحملوا وحدهم كل أعباء هذه المرحلة الصعبة، فى وقت تنتفخ فيه جيوب تجار الجماعة وتجار الفلول بملايين الدولارات الإضافية، دون حسيب ولا رقيب!
أمام الرئيس مرسى طريقين لا ثالث لهما، إما أن يصبح بالقول والفعل رئيسا لكل المصريين وينحاز لملايين المطحونين ويحقق مصالحهم وأحلامهم فى حياة إنسانية كريمة تعينهم على أمر دينهم ودنياهم، أو أن يفنى سنوات حكمه الأربع فى معارك أسطورية فى مواجهة الضغوط والإغراءات التى لن تتوقف لصناعة ديكتاتور جديد فى طبعة دينية.. وأتصور أن الرئيس أذكى من أن يقع فى هذا الفخ، والله أعلم!