غزة تهدد أحلام بايدن في رئاسة ثانية؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة تهدد أحلام بايدن في رئاسة ثانية؟

نشر فى : الخميس 9 نوفمبر 2023 - 9:00 م | آخر تحديث : الخميس 9 نوفمبر 2023 - 9:00 م
نشر موقع 180 مقالا للكاتب رامى الريس، تناول فيه أن دعم بايدن اللا محدود تجاه نتنياهو فى حربه الوحشية على غزة قد يمنعه من الفوز فى الانتخابات الأمريكية القادمة.. ذاكرا عدة مؤشرات على ذلك، منها تعالى الأصوات المعارضة لهذا الدعم اللامحدود من داخل الحزب الديمقراطى وفى الشارع الأمريكى... نعرض من المقال ما يلى:

ليس من المبالغة القول إنه فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة، قلما وجدت علاقة حميمة ومتشابكة بين دولتين كما هى العلاقة بين أمريكا وإسرائيل، إذ حظيت هذه الأخيرة، ولا تزال، بالدعم المالى والعسكرى السنوى أكثر مما تناله أى دولة أخرى. والأهم أنها تحظى أيضا بدعم سياسى وغطاء قانونى فى كل المحافل الدولية لكل ما ترتكبه فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، الأمر الذى يشكل خرقا فاضحا للقوانين والمواثيق الدولية.
على مر العقود، ساهم هذا السلوك الأمريكى فى توفير الغطاء للكيان الصهيونى لتجاوز كل المحظورات، وهو ما استغلته وتستغله الحكومة الإسرائيلية فى عمليات الانتقام غير المسبوقة فى حجمها ووحشيتها التى تشنها اليوم ضد غزة وأهلها ردا على عملية «طوفان الأقصى».
لا تشبه العلاقة التى تربط أمريكا بإسرائيل علاقاتها بأى دولة أخرى. لكن هذه العلاقات «التاريخية» والعميقة بين البلدين، لا تعنى بالضرورة توافق قادتهما دائما، إذ تشوب هذه العلاقة أحيانا مواقف تعبّر عن اختلاف أو خلاف فى وجهات النظر. فالرئيس الأمريكى جو بايدن معروف بوضوح مواقفه السياسية المؤيدة لإسرائيل والصهيونية، حتى قبل أن يتبوأ منصب الرئاسة؛ إذ يُعتبر من أشد الرؤساء الأمريكيين دعما لهما؛ فهو القائل منذ 37 عاما: «لو لم تكن هناك إسرائيل لكان على أميركا خلق إسرائيل لحماية مصالحها».
وبالرغم من ذلك، فإن علاقته برئيس الحكومة الإسرائيلية الحالى بنيامين نتنياهو اعتراها فتور علنى. فالرئيس بايدن لم يوجه دعوة إلى نتنياهو لزيارة البيت الأبيض؛ كما تجرى العادة تقليديا بعد كل تأليف حكومة إسرائيلية جديدة، لكنه فى المقابل استقبل الرئيس الإسرائيلى يتسحاق هرتسوغ فى لقاء بروتوكولى لا مفاعيل سياسية كبرى له نظرا إلى عدم تمتع رئيس إسرائيل بصلاحيات تنفيذية تُذكر.
• • •
وإذ بعملية «طوفان الأقصى» تغيّر مسار العلاقات الفاترة بين الرجلين، فيطير بايدن إلى إسرائيل فى زيارة نادرة لرئيس أمريكى إلى دولة أُخرى فى أثناء الحرب، فى مسعى واضح للتأكيد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل فى أوقات الأزمات وتدعمها، بصرف النظر عن الاعتبارات الأُخرى. وتوّج بايدن دعمه لإسرائيل خلال تلك الزيارة عندما قال: «لا أعتقد أنه يتعيّن عليك أن تكون يهوديا لكى تكون صهيونيا، أنا صهيونى». وقد حظيت مواقف بايدن بتأييد من الكونجرس الأمريكى، الذى أقرّ تقديم الدعم العسكرى والمادى لإسرائيل. لكن مع تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ بشكل غير مسبوق؛ والخسائر الكبيرة فى صفوف المدنيين الفلسطينيين، بدأت تتعالى أصوات داخل الكونجرس وخارجه مطالبة بتغيير فى سياسة الولايات المتحدة تجاه ما يحدث فى غزة.
وقد تكون الأصوات المعارضة لمواقف بايدن التى بدأت أيضا تتعالى من داخل البيت الرئاسى، أى من داخل الحزب الديموقراطى، مؤشرا مقلقا على تغيير فى نسب الأصوات المؤيدة للرئيس فى الانتخابات المقبلة. وفى جولة على ردود الفعل المعارضة لمواقف بايدن من الحرب الإسرائيلية على غزة، يمكن التوقف عند أهمها: وجّه أكثر من 400 موظف فى الكونجرس رسالة طالبوا فيها رؤساءهم بالعمل على دعم قرار لوقف إطلاق النار فى غزة. لكن الوثيقة الموقعة من الموظفين لم تحمل أسماءً لاعتبارات أمنية، وخوفا على مستقبل عمل الموظفين فى الكابيتول.
نظمت مجموعة من اليهود المؤيدين للسلام اعتصامات واسعة فى قاعات الكونجرس احتجاجا على الحرب، وطالبت المجموعة بوقف الحرب فورا. اقتحمت مجموعة من عشرات المتظاهرين مبنى الكابيتول، رافعين شعارات ترفض العدوان على قطاع غزة، ومنددين بسياسات بايدن الداعمة لإسرائيل. وقد اعتقلت شرطة الكونجرس العشرات منهم.
أما داخل الإدارة الأمريكية، فبدأت مواقف معارضة تظهر معبّرة عن استياء من الدعم اللامحدود لإسرائيل. ومن هذه المواقف: استقالة جوش بول، المسئول فى وزارة الخارجية فى مكتب نقل الأسلحة إلى الخارج احتجاجا على قرار إدارة بايدن مواصلة إمداد إسرائيل بالسلاح. وانتقد بول فى كتاب استقالته «الدعم الأعمى لجهة واحدة» الذى يؤدى إلى «سياسة متهورة وغير عادلة وتتناقض مع القيم التى نعتنقها». واعتبر أن الدعم الأمريكى لإسرائيل سيؤدى إلى مزيد من المعاناة للإسرائيليين والفلسطينيين، معربا عن تخوفه من تكرار الأخطاء نفسها التى ارتكبتها الإدارة فى العقود السابقة، والتى يرفض أن يكون جزءا منها».

معارضون من أهل البيت الديموقراطى

لن يشعر بايدن بالطمأنينة عندما تعلو أصوات داخل حزبه معارضة لمواقفه المؤيدة لإسرائيل فى الحرب على غزة، وخصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية فى العام المقبل. ومن هذه الأصوات: دعا السناتور كريس مورفى، كبير أعضاء مجلس الشيوخ فى اللجنة الفرعية للشرق الأوسط، إسرائيل إلى السماح بوصول الوقود إلى المستشفيات ومحطات تحلية المياه إلى غزة. اتهمت عضوة الكونجرس عن ولاية ميشيجن، رشيدة طليب، وهى الأمريكية الفلسطينية الوحيدة فى الكونجرس، بايدن بالتحريض على الحرب القاتلة. وكتبت فى منشور على وسائل التواصل الاجتماعى مع الإشارة إلى الرئيس وإلى الانتخابات المقبلة: «سوف نتذكر أين وقفت».
• • •
فى مقابل المعارضة على المستوى السياسى، برزت معارضة من مجموعات من العرب والمسلمين واليهود الأمريكيين، الذين اعتبروا أن بايدن خذلهم من خلال موقفه من الحرب على غزة. وأشعل تصريح بايدن المشكّك بصحة أرقام الضحايا الفلسطينيين فى غزة، ردود فعل غاضبة وسط هذه المجموعات التى اعتبرت تصريح الرئيس بمثابة اتهام للفلسطينيين بالكذب، بينما يؤكد الرواية الإسرائيلية.
وأظهرت مطالبة مجلس العلاقات الأمريكية ــ الإسلامية بايدن بالاعتذار عن هذا التصريح وإدانة الارتكابات الإسرائيلية بحق المدنيين فى غزة حجم الإحباط من مواقفه؛ فقد طالب الرئيس التنفيذى للمجلس الرئيس الأمريكى بمشاهدة مقاطع الفيديو التى تظهر صور الأطفال الفلسطينيين المسحوقين الذين يُنتشلون من تحت الأنقاض، ليتأكد إذا كانت ملفقة، أم هى فى نظره مجرد ثمن مقبول للحرب.
وفى خطوة تنم عن تجاهل مواقف هذه المجموعات، اجتمع بايدن مع ممثلين عن العرب والمسلمين فى الولايات المتحدة، لكنه رفض أن يستقبل أفرادا ممن وجهوا انتقادات لسياسته. وقد أعرب عدد من هؤلاء عن شعورهم بالعزلة، وعدم الثقة بحزب كانوا يعتبرونه ملاذا فى مواجهة عداء الجمهوريين لهم، وعلى رأسهم دونالد ترامب.
من الواضح أنه وعلى الرغم من توافق الديموقراطيين على القضايا الداخلية، فإن الدعم غير المحدود الذى يقدمه بايدن لإسرائيل من شأنه أن يعمّق مشاعر الإحباط لدى الناخبين الديموقراطيين، وخصوصا من فئة الشباب التقدمى. ويعتبر محللون أن بايدن يخاطر بتفكيك الاتئلاف المؤيد له والذى يعوّل عليه فى الانتخابات المقبلة.
ومع أن أغلبية الديموقراطيين تؤيد حق إسرائيل فى تنفيذ ضربات انتقامية فى غزة، إلاّ إن ارتفاع عدد القتلى بشكل متزايد، يؤدى إلى ارتفاع الأصوات المعارضة المطالبة بوقف فورى لإطلاق النار.
ويرى متابعون للشأن الانتخابى، أن عامل السن مهم للغاية، فالناخبون الشباب تحت الثلاثين عاما يؤيدون بشدة وقف إطلاق النار، بينما يؤيد من هم فوق الأربعين إسرائيل. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة 60% من المقترعين الذين تتراوح أعمارهم بين 19ــ29 سنة اقترعوا لمصحلة بايدن فى انتخابات 2020، وهى الأصوات التى منحت بايدن نقاط التقدم على منافسه ترامب بحسب « Pew Research Center«، فإن تراجع الدعم لبايدن من هذه الفئة من المقترعين الأصغر سنا، الرافضين لسياسته، سيشكل عامل قلق فى عملية إعادة انتخابه فى حال قرر هؤلاء عدم التصويت له.
وفعلا، تشير توقعات إلى تغيير فى نمط التصويت فى انتخابات 2024، ربما يشكل عقبة بالنسبة إلى الديمقراطيين، وهو ما قد يستغله الجمهوريون. وهو تغيير يعكس أيضا اختلاف وجهات النظر بين القيادة التقليدية للحزب الديمقراطى والناخبين الليبراليين الأصغر سنا. قد لا تشكل هذه الفئة الشابة من الناخبين أداة ضغط فاعلة فى موازاة مجموعات الضغط اليهودية المؤثرة، لكنها بلا شك، تؤشر إلى تغيّر فى نهج التفكير لدى الشباب الأميركى. فهل ستطيح الحرب فى غزة بأحلام بايدن الانتخابية على غرار حليفه «المؤقت» بنيامين نتنياهو؟ هذا ما ستكشفه حتما الأيام المقبلة.

النص الأصلي

التعليقات