يوم غد السبت تعقد القمة العربية فى الرياض، السؤال الذى بحت به أصوات الكثيرين، هل ستخرج القمة بقرارات فاعلة للخروج من الأزمة الراهنة التى تسبب فيها الكيان الصهيونى بوجوده جاثمًا محتلا ومدعومًا من الخارج على الأراضى العربية؟ هل سنسمع كلمات غير التعبيرات المعتادة، نشجب وندين ونستنكر؟ هل فى الجعبة قرارات غير المطالبة بحل الدولتين، والسلام كخيار استراتيجى، والكيل بمكيالين، وإعمال قرارات الأمم المتحدة والقمم العربية؟ هل ستمتلك البلدان العربية الإرادة وتقوم باستغلال مواردها المادية والمعنوية لإيقاف تلك الحرب التى فاقت كل تصور من الإجرام الصهيونى فى التنكيل بالمدنيين؟
واحد من التصورات التى يبرر بها الكثيرون حالة العجز العربى، هو وجود حالة زائفة داخل الأذهان ترتبط بما يلى:
أولا: بقاء التصور القديم لدى أدمغة الكثيرين، بشأن صورة إسرائيل القديمة قبل 7 أكتوبر الماضى. فتلك الصورة قد تغيرت، إذ لم تعد إسرائيل ذلك المارد الذى يخيف الرموز، وهو خوف سعت تلك الرموز إلى أن تنقله للشعوب العربية. فما حدث فى مطلع أكتوبر فاق كل تصور فى سقوط الصورة، التى سعت إسرائيل أن ترسمها ونجحت لعقود فى ترسيخها فى الأذهان.
ثانيا: رؤية الدعم الأمريكى غير المسبوق للكيان الصهيونى، ما يجعل الرموز تصاب بحالة إحباط من جراء أى أمل فى فعل إيجابى. إذ إن تلك الرؤية سقطت بالفعل أمام الحشد والتعبئة الكثيفة للمظاهرات التى جابت شوارع وميادين الولايات الأمريكية والعواصم الغربية، وأصبحت تنذر بإزالة مواقع، منها الرئيس الأمريكى بايدن ذاته، ما جعل هناك تراجعا ملموسا فى الدعم، من المؤكد أنه سيزيد خاصة لو تلمس البيت الأبيض رد فعل عربى معتبرا.
ثالثا: تضخيم صورة المارد الإقليمى ممثلا فى إيران والتهديد الذى يشكله، ما يجعل بعض البلدان العربية تسعى لموازنة ذلك بالقوى الصهيو ــ أمريكية. هذه الصورة ــ على أية حال ــ لم ينجح أعداء الأمة فى نقلها للشعوب العربية، ليس فقط بسبب الهوية الإسلامية للنظام الإيرانى، والتى يجب أن تضاف كرصيد أمام المحتل الصهيونى، بل وأيضا لإدراك عديد قادة الرأى من العرب بإمكانية ترويض إيران بدلا من بقائها ضمن خانة الأعداء، ناهيك عن أنها (باستثناء مسألة الجزر الإمارتية) لم تدمر أو تشرد أو تستنزف ثروات عربية بشكل واضح على عكس الكيان الصهيونى وأشعيائه فى الغرب.
هكذا فإن المرجو من تلك القمة وحتى لا تسخر منا شعوبنا وشعوب العالم أن تأتى بما هو جديد، ولعل الجديد فى هذا الأمر هو:
أولا: رفض فكرة الترانسفير أو تهجير الفلسطينيين إلى البلدان العربية المجاورة وعلى رأسها مصر، والتأكيد – وهذا هو الأهم ــ على مواجهة هذا الأمر بكل قوة مادية ومعنوية، لما فى ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية، وتحويل الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى إلى صراع عربى ــ عربى.
ثانيا: تحريم الأرض والسماء والمياه العربية على أعداء الأمة والمحتلين من الصهاينة، الذين استمرأوا يستبيحون كل مقدس وينتهكون كل محرم دون حساب أو عقاب.
ثالثا: تجنب التنديد بالمقاومة المسلحة للعدو الصهيونى، ليس فقط لأن ذلك مخالف لمقررات الأمم المتحدة الداعية إلى عدم احتلال أرض الغير، ومواجهة هذا الاحتلال بالقوة، أو لمخالفته لحق تقرير مصر الأمم والشعوب على أرضها، بل وأيضا لأن هذا التنديد يعنى – كما يعنى الترانسفير ــ تصفية القضية الفلسطينية. بعبارة أخرى، يجب أن يعى الجميع أن وجود المقاومة المسلحة هو الدافع الوحيد لقيام الغرب بإيجاد حل لعيش إسرائيل فى أمان، قبل أن يكون أمرا يخص الرغبة فى إيجاد حل للفلسطينيين والعرب.
رابعًا: اتخاذ إجراءات من شأنها ترويض إيران وتسكين أى خلاف معها، وهو أمر على ما يبدو بدأت بعض الدول الخليجية تعيه، بعد التكلفة الكبيرة للحرب فى الجنوب العربى.
خامسًا: التأكيد على أن حل أزمة الأسرى الموجودين لدى حركة حماس هو أمر مرتهن بحل شامل متعلق بكل الموقوفين فى السجون. بمعنى أن حل مشكلة هؤلاء متصل بالإفراج عن المعتقلين فى السجون الإسرائيلية.
سادسًا: رفض كافة المشاريع المستقبلية والمتضمنة وضع غزة داخل المخطط الصهيو أمريكى، فيما يتعلق بإدارة هذه المنطقة. إذ إن تلك الإدارة يتحتم التأكيد على أنها تأتى فى إطار حل شامل لمختلف قضايا الصراع، وهى الضفة الغربية والقدس والمياه واللاجئون والمستوطنات والحرم الشريف.
سابعًا: تعمير غزة على المديين المتوسط والبعيد. أما على المدى القريب، فمن المهم التأكيد على إيصال المساعدات الإنسانية بشتى الطرق ودون انتظار لتصريح من هذا الطرف أو ذاك، لما فى ذلك من دعم للجهود الإنسانية لغوث المصابين والجوعى ومدعمة بجميع وسائل العيش التى حرم منها.