إحباط - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الخميس 19 ديسمبر 2024 1:05 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إحباط

نشر فى : الخميس 9 ديسمبر 2010 - 11:08 ص | آخر تحديث : الخميس 9 ديسمبر 2010 - 11:08 ص

 
(إحباط ورا إحباط، كابس على قلبنا، ومهما نهرب منه ورانا وقاعد لنا) هذا هو النشيد الرسمى اللى بيتغنى بيه حاليا كل مواطنى بلدنا الحبيب، اللى كل واحد فيهم يبص لنفسه فى المرايا وتنتفخ أوداجه فخرا ويقول أنا جدع، يلاقى كل اللى كان بيفتخر بيه طول عمره كإنه إيد كبيره كل يوم الصبح بتلهفه قلم على وشه وتفوقه، عاش طول عمره يسمع لنفسه كل يوم أغنية: (مصر بلد زراعى، مصر بلد زراعى)، لحد ما نزل من بيتهم فى يوم من الأيام لقى الطماطم بقت بـ10جنيه، قالك سيبك م الزراعة، إيه يعنى لما نجوع طالما عايشين فى دولة ذات ثقل فى المنطقة وحكمة يلوص من دونها الآخرون، فاكتشف بالصدفة إن كل الصور والمقالات اللى قراها فى حياته فى الغالب متفبركة، ده غير وثائق ويكيليكس اللى خلت منظره قدام العالم وحييييش، قال بلاها سياسة خارجية، إحنا بتوع الدواخل، والداخل يعنى الحرية، إديها كمان حرية، فاق على مجلس شعب بيدخل موسوعة جينيس من أوسع أبوبها، كأول مجلس فى العالم تكون من وظائفه الأساسية محاسبة الحكومة، وفى نفس الوقت ينتخب كل أعضائه تقريبا من الحزب الحاكم (عديها ينتخب دى عشان خاطرى المره دى)، قال خلاص أنا ماليش إلا فى الرياضة، الحاجة الوحيدة اللى بتنسينى همومى، طلعتله قطر وكسبت شرف تنظيم كاس العالم وفكرته بالكحكة أم سكر اللى أخدها يوم ما اتجرأ وحلم ينظمه هو كمان.

تعليم مافيش، أدوية ماتلاقيش، اقتصاد بندور عليه، ثقافة ربنا يوعدنا، بحث علمى إدعيلنا مش بعيد على ربنا، وهكذ يعيش المواطن المصرى خيبة بالويبة ويطلع من نقرة يقع فى دحديره، وبينما قد يسىء البعض ــ ومنهم حكامه ــ الظن به، ظانين أنه بلط وجبله وأنه مواطن تيفال لا يؤثر ولا يتأثر، متناسين الدلائل الواضحة لآثار الإحباطات المتراكمة اللى كونت عنده رغبات مكبوتة فى إيذاء نفسه والآخرين، الرغبة فى إيذاء النفس مثلا بتبقى واضحة عند أبوالعيال اللى بينقى أزحم شارع فيكى يا مصر ولازم يعدى من وسطه هو والمدام والأولاد، يا مرسى زحمة.. لأ هنعدى، يا بابا العربيات.

هنعدى يعنى هنعدى، ويجرى الراجل بيهم بين العربيات وأول ما يوصل الرصيف التانى ترتسم على وشه ملامح إحباط أكتر من الأول لأن مافيش سواق ابن حلال ريحه ورحم عياله من مستقبل كحلى فى بنى محروق.

عندك التسطيح على القطارات والوقوف بين العربات وخلف الجرار، شباب زى الورد فاتح صدره للقضاء والقدر ولو إن الموضوع ده بيقل دلوقتى بعد ما الكل اكتشف إن الجلوس داخل القطر أوقع وأسرع، وعلى رأى المثل: ليه تموت مفروم لما ممكن تموت مشوى؟


الرغبة فى إيذاء الآخرين بأه مش محتاجة أكلمك عنها، أقلها مثلا ست البيت اللى قايمة من نومها فى نص الليل حابك عليها الغسيل، تصحى البيت كله وتنشر غسيلها فى بلكونة جوزها المواطن عشان ينقط على الغسيل فى بلكونة مرات المواطن اللى تحتها وهوب تتسبب فى فتنة طائفية.

أصحاب الهجمات الكيميائية على ركاب المترو، يدخل المواطن من دول ويقف فى وسط العربية ويرفع دراعه وعاديك على الريحة، بريء إنت وفاكر إن الماية عندهم مقطوعة أو إنه عنده ميل فطرى لعدم النظافة، يا إبنى دى رغبة إنتقامية كيميائية دفينة صدقنى أنا، سواقين الميكروباصات سميعة مصطفى كامل والست لما، برضه إنت عبيط وبتقول جايز ذوقهم وحش بينما هم عقدوا العزم على إصابتك بإنهيار عصبى حاد وصمم سمعى مزمن.

المشجعين فى ماتشات كرة القدم، فكرك اللى بيشتم ده كان حسام البدرى قتل أبوه وإتجوز أمه مثلا عشان يبهدله البهدلة دى كلها؟ كاتبى العبارات النابية على حوائط الشوارع، سواقين التاكسى اللى بيتلككوا عشان يبطحوا حد، المدرس اللى بيكسر دراعات التلامذة كل يوم ع الريق، المتحرشين فى اتوبيسات النقل العام، والعيال اللى بتجرح عربيتك رغم إنك مغطيها، الأمهات اللى بتقابلهم فى الشارع وهم نازلين فى عيالهم تلطيش. وأخيرا المواطن الاستشهادى اللى راح الإنتخابات اللى فاتت وصوت للحزب الوطنى وعليه وعلى أعداؤه بأه، كلها ردود أفعال لإحباطات نتعايش معها مؤقتا، حتى تأتى القشة التى ستقصم ظهر البعير، وكل الدلائل بتؤكد إنها هتأتى قريب قوى، أقرب مما نتصور، يمكن مع إخفاقة جديدة تتسبب فى الشعور بالمزيد من الإحباط، كل إحباط وانتوا طيبين ومتعايشين، قولوا آمين

التعليقات