• هاجمت طائرات سلاح الجو (وفقا لتقارير أجنبية) قافلة سلاح محملة بالسلاح الحديث كانت فى طريقها من سوريا إلى لبنان. فإذا كان هذا صحيحا، فإن القرار الذى اتخذته إسرائيل استند إلى النظرية القديمة القائلة إن سوريا بشار الأسد جزيرة للاستقرار، فى حين لبنان الواقع تحت سيطرة حزب الله هو العدو الذى ستضطر إسرائيل إلى الدخول فى مواجهة معه فى المستقبل القريب.
• لكن هناك بعض الحقائق التى يجب أن نأخذها فى الحسبان: لقد مرت سبعة أعوام على حرب لبنان الثانية (حرب تموز/ يوليو 2006 ) كانت خلالها الحدود اللبنانية هى الأكثر هدوءا واستقرارا بين حدودنا، وهذا على الرغم من الكلام السّام الصادر عن زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بشأن إسرائيل ورغبته فى القضاء عليها. والثابت اليوم أن الردع الذى أحدثته حرب لبنان ما زال موجودا، لا بل ازداد، وتحديدا خلال الأعوام الأخيرة، إذ حرص حزب الله جيدا، ومنذ أن أصبح شريكا فاعلا فى إدارة الدولة اللبنانية، على عدم تعريض الدولة مجددا لفوضى الحرب.
•••
• وبهذه الطريقة تحولت الدولة اللبنانية بالذات، التى خبرت الحرب الأهلية القاسية مدة طويلة، إلى جزيرة من الاستقرار والهدوء فى العالم العربى المحيط بها. وبات الهدف الأساسى لجميع الأطراف السياسية فى بيروت السعى للمحافظة على الهدوء، وعلى التوازن الهش بين الطوائف المختلفة، وبناء الدولة، وعدم العودة إلى الحرب.
• إن النظام القوى والمستقر لعائلة الأسد التى كانت تسيطر على دمشق، والذى خبرناه جيدا واعتمدنا عليه للمحافظة على اتفاق فصل القوات الموقّع فى سنة 1974، لم يعد موجودا. ولم يعد مهما اليوم ما إذا كان الرئيس الأسد سيختفى خلال الأسابيع المقبلة، أو خلال بضعة أشهر، أو خلال العام المقبل، فقد أصبحت سوريا تعيش فى ظل فوضى فى الحكم، ومن المنتظر أن تمر مدة طويلة قبل أن يعود الهدوء والاستقرار إليها من جديد. كما أنه من غير المنتظر أن تكون الأطراف السياسية التى ستتولى المسئولية فى سوريا أقل عداء تجاه إسرائيل من حزب الله اللبنانى، ولن يكون هناك سيطرة مركزية على مخازن السلاح الواقعة تحت سيطرة هذه الأطراف.
• ومن هنا يمكن القول إنه ما دام ليس هناك حل سياسى يضمن نشوء حكم مستقر فى سوريا، وما دام ليس لإسرائيل أى قدرة على تأمين انتقال السلاح الصاروخى الحديث وغير التقليدى إلى جهة مسئولة، فإننا أمام احتمالين علينا الاختيار بينهما: إمّا بقاء هذا السلاح على الأراضى السوريا والمجازفة بوقوعه بأيدى الميليشيات هناك، والتى هى فى أغلبيتها ليست من محبى إسرائيل، وإمّا السماح لبشار الأسد بتنفيذ خطته، وإخراج هذا السلاح من سوريا والحؤول دون وقوعه بأيدى الثوار هناك.
•••
• والخلاصة فى رأيى واضحة: إن ثمة تطابقا فى المصالح بين بشار الأسد وإسرائيل، وذلك لأسباب مختلفة تماما، ولهذا، يجب فى رأيى أن نسمح لقوافل السلاح بالانتقال إلى لبنان. قد لا يكون هذا هو الحل المثالى، لكنه يبقى أفضل من البديل منه.
رئيس سابق لجهاز استخبارات
الجيش الإسرائيلى «هاآرتس»
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية