فى عام 1925 بعثت روز اليوسف، الممثلة ثم الصحفية، رسالة يصحّ وصفها بشديدة اللهجة إلى الناشطة النسائية هدى شعراوى، مبدية فيها غيظها من رفضها أن تنشر لها صورة فى المجلة التى أسستها وحملت، وما زالت، الاسم الذى عرفت به: «روز اليوسف»، كون اسمها الحقيقى هو فاطمة اليوسف، التى خاطبت شعراوى مباشرة على صفحات المجلة، قائلة: «نقل لى أحد المتصلين بك أنه لما طلب منك صورة لتنشر فى صحيفتى أبيتِ واستنكرتِ وتساءلت فى سخرية: عاوزين صورتى ليه؟ عشان ينشروها مع صور الممثلات».
أضافت اليوسف: «ومع ذلك ياسيدتى لم نعجز عن الحصول على صورتك ونشرها عملاً بواجبنا نحو جمهور قرائنا»، مبدية استغرابها من أن شعراوى التى توافق على نشر صورها فى مجلات أجنبية تتكبر على صحيفة مصرية أن تفعل الشىء نفسه، قائلة: «تحت يدى الآن أكثر من مجلة إفرنجية قد نشرت صورتك، وبين صفحاتها نشروا صورا عديدة لممثلات غربيات فما الفرق بين مجلات الغرب ومجلات مصر؟».
تضمّن المقال – الرسالة - الذى نشر فى كتاب اليوسف «مقالاتى الصحفية»، الذى أعدّه وقدّم له رشاد كامل، عبارات أخرى قاسية، مبدية دهشتها من أن «زعيمة النهضة النسائية فى مصر» كما وصفتها، هى من تقول ما قالته، سائلة إياها: «ما الذى ترينه فى ممثلاتنا حتى تأبى عليهن هذا الشرف؟». ثم قالت أشياء أخرى فى الدفاع عن الممثلات والفنانات، خاصة أنها نفسها بدأت حياتها بالتمثيل، ولنقرأ العبارة الختامية فى رسالتها: «ياسيدتى يا نصيرة المرأة، أكتب إليك وقد نسيتُ كل شىء إلا أننى كنتُ ممثلة، وإلا أنك انتقصت من قدر الممثلات».
ولدت هدى شعراوى، واسمها الأصلى «نور الهدى»، فى عام 1879 فى محافظة المنيا بصعيد مصر لأسرة من الطبقة العليا، فوالدها محمد سلطان باشا أصبح لاحقا رئيسا لمجلس النواب المصرى الأول فى عهد الخديوى توفيق، أما والدتها «إقبال هانم» فكانت من أصول شركسية جاءت من منطقة القوقاز لتعيش مع عمها فى مصر.
وثمة حكاية فى حياتها تقترب فى دلالتها من تصرفها الذى أغاظ روز اليوسف منها، أورد تفاصيلها مصطفى أمين فى كتابه «مسائل شخصية»، حيث شاءت الأقدار أن يقع ابنها محمد فى حبّ المغنية فاطمة سرى، لتتوج قصة الحب تلك بالزواج دون علم والديه، فلما عرفت هدى شعراوى بزواج ابنها الوحيد من المطربة ثارت ثورة عارمة، فكيف لابن «الباشا» أن يتزوج ممثلة، واتهمت ابنها بأنَّه يحاول قتلها بهذا الزواج، كما حاولت الضغط على المطربة بما لها من نفوذ وعلاقات واسعة دون جدوى، ما حمل الابن، هربا من ضغوط والدته، على السفر إلى أوروبا.
حسن مدن
جريدة الخليج الإماراتية