الفشل السياسى الأسبوع الماضى يعود، فى معظمه، إلى رئيس الحكومة نفتالى بينت، وفى جزء منه إلى أعضاء وقادة التحالف الذين لم يفهموا بصورة كافية إلى أى حد هم هشون ومخترَقون.
مع استلام منصبه، حلق بينت فورا إلى الأعالى، حيث يجب أن يكون رئيس حكومة، تنشق هواء القمم، ودرس قضايا أمنية حساسة فى العمق، وأقر ميزانية، وبسبب الإجراءات الأمنية المطلوبة، انقطع عن الجمهور، وعن مظاهر المعارضة. رئيس الحكومة شخص وحيد وحيد جدا.
فى طريقه للقيام بوظيفته، ترك وراءه أعضاء كتلته الذين تعرضوا، من وقت إلى آخر، للهجمات والإهانات والضغوط عليهم وعلى أفراد عائلاتهم ضمن جماعتهم، وفى مراكز العبادة، وفى اجتماعات الأهل. وبينما كان بينت وشاكيد ومتان كهانا «مشغولين بالعمل» على كراسيهم، كان الآخرون ينزفون وراءهم... لقد وجدت الكتلة نفسها ضمن ائتلاف «غير عائلى»، ووسط أيديولوجيا غريبة لم تكن مستعدة لها. وهنا تحديدا، كان ينبغى أن تأتى مهمة الصيانة التى يجب أن يقوم بها بينت، أى تواصل أقوى وتعاوُن أكبر، مع الإدراك أن هذا الحدث طارئ مؤقت. بالإضافة إلى ذلك، كان يجب على يائير لبيد وميراف ميخائيلى ونيتسان هوروفيتس أن يدركوا أن الستاتيكو الذى صمد عشرات الأعوام مع طعام الكاشير (الطعام الحلال عند اليهود) فى عيد الفصح فى قواعد الجيش الإسرائيلى، وفى المستشفيات، يمكن أن يستمر عاما آخر أو عامين، من أجل خلاص إسرائيل وتقدُمها. لكنهم فشلوا فى التغلب على الغريزة.
أعتقد أن عيديت سيلمان امرأة موهوبة وشجاعة ومثابرة، لكنها مرت بوقت عصيب داخل منزلها وجماعتها ووسط الناخبين. مع ذلك، الطريقة التى استقالت بها لا علاقة لها بالطعام الكاشير، بل بالارتداد والسكاكين السياسية، سواء تلك الموجهة نحو بينت، الذى أنكرت جميله عبر وسائل الإعلام، بعد أن أدخلها إلى الكنيست وأعطاها مهمة مركزية، وسواء مع حقيقة أن وراء «الخلاف الأيديولوجى» توجد صفقة مع نتنياهو بمقعد محصن فى الليكود ووعد بمنصب وزيرة الصحة، ومساعدة النائب بتسلئيل سموتريتش فى صوغ كتاب الاستقالة.
منذ الأسبوع الأول لتأليف الحكومة، كتبت أن هذه الحكومة غريبة وخارجة عن المألوف، أبصرت النور نتيجة وضع سياسى غريب واستثنائى. سميت هذه الحكومة «شركة إدارية»، يترأسها مدير عام يخضع لمجلس إدارة. لم يؤلف بينت الحكومة التى يرأسها، وهو لا يستطيع أن يعترف للجمهور بـ«ثقته فيها». وهذا وضع غير معقول، لكن الدولة كانت ولا تزال فى وضع غير معقول من الناحية السياسية. وبمعنى من المعانى، بينت وحزب يمينا أنقذا إسرائيل وجلسا فوق قنبلة. لقد حصلا على مناصب رفيعة، لكنهما خسرا قاعدتهما، وبدت كتلتهما تتطاير فى مهب الريح.
مولد هذه الفوضى السياسية هو الشخص الذى يستطيع أن يحصل على 35 مقعدا لحزبه ــ نتنياهو. إذا ذهبت إسرائيل إلى انتخابات فى وقت قريب وقاد نتنياهو الليكود، أشك فى أننا سنحصل على حسم، لأنه لا يوجد أى متغير جديد، والمشكلات لا تزال هى عينها، والخريطة السياسية لم تتغير. وسيكتشف نتنياهو مرة أُخرى أنه لم يبقَ هناك مَن يكذب عليه، بعد أن طعن أقرب شريك لديه، والأكثر تفانيا وأخلاقية ــ بنى جانتس. سيكون أمامنا صيف حار أكثر من العادة، وسنضطر إلى التقاط أنفاسنا والاستعداد لعودة معركة انتخابية، وللكراهية والتحريض والإقصاء والانقسامات.
يائير لبيد هو مهندس الحكومة الحالية، هو الذى ألفها، وهو تنازل من أجلها واستخدمها لإزاحة نتنياهو، تآكُل قاعدة الائتلاف يثير الشك فى احتمال دخوله بصورة منتظمة إلى رئاسة الحكومة، أيضا لو أنه، بحسب الاتفاق، سيتولى منصبه لعدد من الأشهر.
لذلك، لبيد وجانتس وشركاء آخرون سيضطرون قريبا إلى التفكير فى مسار جديد، وعليهم أن يفهموا كيف سيتحرك نتنياهو لاحقا، رغبة الجمهور ستفرض قيام حكومة واسعة برئاسة الليكود وكتلة كبيرة من الوسط. كى يحدث ذلك، المطلوب الكثير من السلالم والحبال والعمليات، والقليل من الأنانيات والتغلب على الماضى السياسى، ووسائل أُخرى.