قانون مجلس النواب الجديد ودعم التجربة الحزبية - معتز خورشيد - بوابة الشروق
السبت 5 أكتوبر 2024 2:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون مجلس النواب الجديد ودعم التجربة الحزبية

نشر فى : الأربعاء 10 سبتمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 سبتمبر 2014 - 8:28 ص

بهدف إنجاز الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل، وفى ظل القواعد العامة التى حددها الدستور بخصوص إصدار قانون للانتخابات البرلمانية يُجيز «الأخذ بالنظام الانتخابى الفردى أو القائمة أو الجمع بأى نسبة منهما»، أصدر الرئيس السابق المستشار عدلى منصور قانون مجلس النواب الجديد. وقد مثل القانون وثيقة تشريعية على درجة عالية من التفصيل فيما يخص تنظيم العملية الانتخابية وقواعد الترشح وتركيبة القوائم الانتخابية والأوزان النسبية للفئات المكونة لها بالإضافة إلى حقوق وواجبات أعضاء المجلس. وبذلك أنهى صدور القانون الجدل الدائر حول الوزن النسبى للمقاعد الفردية والقوائم الانتخابية حيث خصص القانون نسبة تقدر بنحو (22%) من المقاعد للقوائم مقابل (78%) للانتخاب الفردى. وبرغم ضرورة الأخذ فى الاعتبار بالسمات الخاصة للمناخ السياسى المصرى ومعطيات المرحلة الانتقالية الراهنة وما نشهده من قصور واضح فى الدور الحزبى، فإن دعم القانون الجديد للتجربة الحزبية فى مصر يتعين أن يمثل أحد المعايير الحاكمة لإرساء قواعد العمل الديمقراطى.

•••

وأود فى هذا الصدد التأكيد على عدد من المبادئ العامة: أولا: من المتفق عليه أن نظام القوائم يعد أكثر ملاءمة لتعزيز تمثيل الأحزاب والتكتلات السياسية وعلى وجه الخصوص الأحزاب الصغيرة أو حديثة الإنشاء، فى حين يفضل المستقلون الانتخابات الفردية. ثانيا: أن العمل بنظام القوائم يتطلب حدا أدنى من القدرة التنظيمية والممارسة السياسية والمشاركة فى العمل العام حتى يمكن تحديد سلم أولويات القائمة وتوزيع المترشحين على مقاعدها بالشكل الأمثل. ثالثا: من المتعارف عليه من التجارب والخبرات العالمية، أن القوائم النسبية تؤدى عموما إلى تعظيم مشاركة الأحزاب والتكتلات السياسية فى مجلس النواب من خلال تمثيل الأحزاب بالبرلمان وفق ما حققته من نسبة فى مجموع المقاعد المخصصة للقائمة. رابعا: من المفضل ــ بوجه عام ــ عدم التوسع فى تحديد حد أدنى من المقاعد البرلمانية لفئات بعينها أو تخصيص نسبة مرتفعة للمعينين من قبل السلطة العليا ضمانا لعدم التأثير سلبا على تركيبة البرلمان نظرا لأن توزيع المقاعد من المفروض أن يرتكز أساسا على الاقتراع السرى المباشر. خامسا: يعد مبدأ التدرج فى الانتقال من الانتخابات الفردية إلى القوائم قضية تتباين الآراء حولها، فبرغم أن القوائم الانتخابية تتطلب نظاما حزبيا متطورا ومناخا سياسيا أكثر استقرارا فإن دعم الدولة لهذا النمط الانتخابى ــ من خلال تخصيص نسبة مقبولة من مقاعد المجلس له ــ يُعد أمرا ضروريا لاستكمال منظومة العمل السياسى الحزبى والبرلمانى على حد سواء.

فى ظل المعطيات السابقة، تشير المؤشرات التى يمكن استنباطها من القانون الجديد إلى قصوره فى تحقيق المشاركة الحزبية المرغوبة فى مجلس النواب القادم، ومن ثم عدم تحقيقه للتمثيل الأمثل لفئات المجتمع ومؤسساته السياسية. فمن المتوقع أن ينتج عن النسبة المتدنية للمقاعد المخصصة للقوائم، مع اتساع دوائرها الانتخابية (من حيث عدد الناخبين والمساحة الجغرافية)، عدد من القيود التى تقلل من قدرة الأحزاب وفاعليتها فى المشاركة.

•••

ومن المتوقع أيضا أن تطبيق نظام القوائم المغلقة المطلقة سيؤدى إلى سيطرة التكتلات الحزبية ــ ذات الخبرة والممارسة والقدرة المالية ــ على معظم المقاعد المخصصة للقوائم وبما يساهم فى تدنى نصيب الأحزاب الوليدة أو الصغيرة التى بدأت العمل بعد ثورة 25 يناير، ومن ثم سيكون هناك صعوبة فى الوصول إلى مستوى التعددية المرغوبة.

وواقع الأمر، أننى لا أرى سببا مقنعا للأخذ بمبدأ القوائم المغلقة المطلقة ــ التى يحصد بها الحزب الحاصل على أكثر من (50%) من الأصوات الانتخابية على كامل المقاعد ــ ومن ثم استبعاد القوائم النسبية التى تعد أكثر عدالة توزيعية من حيث ارتباط عدد المقاعد التى يحصدها الحزب بقدر نصيبه فى مجمل الأصوات بالدائرة الانتخابية.

وبالإضافة إلى القيود والمحددات السابقة، فإن المُعضلة التى ستقابل الأحزاب أو التجمعات السياسية ــ عند اختيار أعضاء القائمة وتشكيل نسب المشاركة بها ــ تتمثل فى التركيبة الفئوية التى حددها القانون للمشاركين. إذ حدد القانون ــ على سبيل المثال ــ (27) مقعدا للفئات فى القائمة المخصص لها (45) عضوا. وتتضمن هذه الفئات مترشحين من المسيحيين والعمال والفلاحين والشباب والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج. كما يؤكد القانون على ضرورة استكمال القائمة بعدد (21) من النساء سواء من الفئات المحددة أو من غيرها. ومن هنا فإن تشكيل القائمة سيحتاج إلى عملية مرهقة من التباديل والتوافيق بغية تحقيق متطلبات القانون. ومن المُنتظر أن تؤدى هذه العملية إلى الوصول إلى تركيبة فئوية تحقق التوازن بين الفئات وفق مواد القانون، بيد أنها من الممكن أن تؤدى ــ فى العديد من الأحيان الأخرى ــ إلى غياب معايير مثل القدرة على المشاركة فى العمل العام والخبرة السياسية. فبحسبة مُبسطة نجد أن الحد الأدنى من عدد المقاعد المخصصة إلى فئات بعينها يُقدر بنحو (128) مقعدا (بواقع 56 مقعدا للمرأة، 24 مقعدا للمسيحيين، 16 مقعدا للعمال والفلاحين، 16 مقعدا للشباب، 8 مقاعد لذوى الاحتياجات الخاصة، و8 مقاعد للمصريين المقيمين فى الخارج)، وهو عدد يزيد عن جملة المقاعد المُخصصة إلى القوائم فى المجلس المُقبل. ومن ثم فإن القوائم ــ من هذا المنطلق ــ يمكن اعتبارها وسيلة لتسكين الفئات الخاصة تحقيقا لاستحقاقات دستورية وليس بالضرورة وسيلة لدعم مشاركة التكتلات والأحزاب السياسية فى النشاط البرلمانى.

فهل من الممكن مراعاة الملاحظات السابقة فى ظل الحوار المجتمعى الراهن حول قانون مجلس النواب الجديد بين سلطة التشريع وفقهاء القانون والقوى السياسية والمهتمين بالشأن العام؟ أم أن الوقت المتبقى لتحقيق الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل لن يسمح بذلك؟.

وزير التعليم العالى والبحث العلمى الأسبق

معتز خورشيد أستاذ بجامعة القاهرةوزير التعليم العالى والبحث العلمى الأسبق
التعليقات