لا أعرف سبب الغضب على ماجد إمام مدرس مادة الجيولوجيا، الذى أقام حصة المراجعة النهائية فى استاد حسن مصطفى، وحضرها أكثر من أربعة آلاف طالب وطالبة. لم يخطئ المدرس فى شىء. فقد استأجر الاستاد، وسمح له بذلك، ولم يعترض أحد. ولا أظن أن إيجار استاد أو حتى قاعة فى فندق يمر دون موافقة أو حتى إخطار عدة جهات رسمية.
وكل ما يقال عما تقاضاه المدرس أو ما دفعه إيجارا للاستاد لا معنى له، لأنه لا يهم أحدا من المعترضين من الإعلاميين، قد يهم مصلحة الضرائب، ولكن لا يعنى أحدا غيرها. هذا فضلا عن أن الطلاب والطالبات الذين حضروا المراجعة النهائية فى الاستاد جاءوا بإرادتهم الحرة طلبا للمعرفة.
ويبدو أن المدرس بارع فى تسويق نفسه على منصات التواصل الاجتماعى، وفى هذا المجال الصيت ولا الغنى كما يقال. وبعيدا عن المشاعر السلبية التى عبر عنها بعض الغاضبين، والتى تقطر حقدا على المدرس الشاب الذى حصد عشرات الآلاف من الجنيهات فى ساعتين، فإن الإشكالية فى رأيى أن هذا الأمر عرى النظام التعليمى البائس.
فمن من الناس لا يذهب أبناؤه إلى السناتر طلبا للدروس الخصوصية فى كل مراحل التعليم ولا سيما الثانوية العامة؟ الجميع يعرف ذلك، ويمارسه، ولاسيما أن الطلاب لم يعودوا يذهبون إلى المدارس حرفيا.
ومنذ فترة تداول الحديث حول ترخيص السناتر، وهو ما واجه جدلا واعتراضات. والملفت أن مدرس الجيولوجيا الذى أثار هذه الضجة نظم دروسا مماثلة فى محافظات أخرى، واستأجر قاعات، وأغلب الظن أن واقعة استاد حسن مصطفى كانت ستمر فى هدوء لولا صخب الإعلام.
المشكلة أن المدرس ماجد إمام بالغ فى الاستعراض، والتسويق، والافتعال مما استفز الغاضبين منه. فقد دخل الاستاد على صوت أغانٍ صاخبة، وكأنه أحد مطربى المهرجانات، وحيا الجمهور مثل واحد من نجوم الأغنية الشبابية، تحيط به الكاميرات من كل جانب، ويؤمن عدد من البودى جارد محيط حركته. ولا أدرى لماذا كل هذا الصخب؟ الإجابة هى التسويق، التسويق الذى جعل هذا المدرس ترندا ونجما، وقدم الغاضبون منه أفضل دعاية له بهجومهم عليه.
ونظرا لأن المجتمع يحب ردود الأفعال الصاخبة التى تستوعب غضب الرأى العام، فقد حول وزير الشباب والرياضة القائمين على الاستاد للتحقيق، وقرأت أنه تم التحقيق مع المدرس، وأخلى سبيله بضمان محل إقامته، بعد أن وجهت له تهمة عدم الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة.
أتوقع أن يخبو الموضوع، أو ينتهى ببعض الجزاءات الإدارية للقائمين على الاستاد إذا ثبت مخالفتهم للوائح، وهو ما جرى فى أحداث أخرى أثارت ضجة، ثم اخفتت، ولم تنته إلى شىء. إن تهمة هذا المدرس الحقيقية فى رأيى مجتمعية أكثر من كونها جنائية، فقد كشف عوارات نظام التعليم على الملأ، بشكل فيه استعراض وافتعال وبهرجة زائدة، وقدم نفسه نجما أو تريندا وسط الشباب بما لا يتماثل مع صورة المدرس التقليدية.
ويبدو أنه يراهن على التسويق، والإبهار فى جذب الزبائن الذين استقبلوه بإضاءة شاشات هواتفهم المحمولة. مشهد رومانسى لطيف نراه فى الحفلات الغنائية للمطربين، وليس فى المراجعات النهائية للمدرسين.