المهرج الكبير - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:14 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المهرج الكبير

نشر فى : الجمعة 11 أغسطس 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : الجمعة 11 أغسطس 2023 - 8:35 م
هناك أسماء سينمائية لم تأخذ حتى الآن ما تستحق من متابعة تباعا لما أنجزته خاصة فى كتابة السيناريو أو الإخراج، ومنهم محمد مصطفى سامى ومحمد كامل حسن المحامى، وأيضا محمود إسماعيل الذى احتاج بالفعل إلى كاتب متخصص يتناول مسيرته ككاتب سيناريو ومخرج ومنتج وممثل، وهناك أفلام أخرجها تعكس إلى أى حد أن إبداعه مختلف تماما عن الصورة السينمائية الفجة التى عرفناها عنه كممثل فى أفلام من طراز سمارة، والأحدب، وزنوبة، فهذا المبدع امتلك قدرة على التنوع بحيث يدهشنا فى أفلام منها «جسر الخالدين» و«الطاهرة»، وفيلم «المهرج الكبير» الذى اقتبسه من رواية أمريكية من كاتبة اسمها شيلى سيمث وأخرجه يوسف شاهين وهو فى السادسة والعشرين من العمر عام 1952 وقام ببطولته يوسف وهبى وفاتن حمامة ونبيل الألفى وسراج منير، الغريب أن المؤلف هنا دفع بالسيناريو إلى المخرج ولم يشارك قط بأى من أنشطته الأخرى لذلك عكس ما فعل فيما بعد فى فيلم توحة أو «الطاهرة»، ولقد لعب المؤلف على فكرة كثيرا ما تكررت فى السينما المصرية وهى المحلل، بما يعنى أنه إضافة إلى هذا الموضوع على القصة الأجنبية.

من المهم الإشارة إلى أن هذا الفيلم حيرنى كثيرا فى توليفته وشكله السينمائى من خلال عدة مداخل أولها موضوع الموت المفاجئ والمرض القاتل الذى يأتى بشكل مفاجئ لصاحبه، فالزوجة الثرية التى تتزوج من شحتوت المحلل فإنها تموت صبيحة زفافها «جسدت هذا الدور مارى عز الدين» وهى فنانة متميزة، هذه الزوجة تترك أثرا شديدا فيما حولها سواء بالنسبة لطليقها أو لزوجها الجديد، وشحتوت يجد نفسه وريثا لثروة كبيرة للغاية عليه أن يتصرف فيها بدون عقلانية وأن يعوض ما قام به من حرمان، خاصة أن يقوم بإغراء حبيبته الصغيرة أو الشابة أن تتزوج منه ولكنها ترفضه وتوافق على الزواج من سعيد العامل البسيط، ويكتشف شحتوت أن كل ما لديه من ثروة لم تجلب له حبيبته، وفى لحظة درامية مأساوية يعلم الجميع أن شحتوت مصاب بداء السرطان وأنه يقترب من الموت فماذا سيفعل؟

رغم أن الموت يقتل شخصين رئيسيين فى الفيلم بشكل مفاجئ أو منتظر فإن السيناريو الذى كتبه محمود إسماعيل يختلف تماما عن الأسلوب الفج الذى كتب به أغلب أفلامه الأخرى، لغة العصابات والمهربين، والطامعين فى الزواج من فتاة صغيرة، ويتمثل هذا فى شخصية شحتوت، فهو شخص عدمى من اللحظة الأولى بمعنى أنه يتعامل مع المال باستخفاف وبالتالى هو خفيف الظل مقبل على الحياة، وإن كان المرض قد أدخله إلى مرحلة النضج المفاجئ، فتغير سلوكه وأصبح صاحب مسئولية تجاه المجتمع من حوله فوجه أمواله إلى الأعمال الخيرية من أجل مصلحة الفقراء والبسطاء الذين يعيشون حوله، ولذا يمكن القول أن المهرج الكبير هو أول علاقة للمخرج بالسينما الغنائية والاستعراضية ويكشف مدى فهم شاهين لهذا النوع من الأفلام الذى كان منتشرا فى الخمسينيات، بالطبع هنا ولثالث مرة مع يوسف شاهين ونجمته المفضلة فاتن حمامة التى لم يتركها طوال خمسة عشر تالية، هى هنا مليئة بالحيوية والبساطة وخفة الدم تختلف تماما عن البنت الحزينة اليتيمة كما قدمها حسن الإمام فى أغلب أعماله ونحن نتوقف عند هذه النقطة لأن فاتن كانت فى حاجة ماسة إلى شاهين وفطين عبدالوهاب وليس حسن الإمام وعز الدين ذو الفقار واعتقد أن هذا الرأى لم يعجب النقاد التقليدين رغم أن الرحلة تمت صياغتها بكل صناع هذا الفيلم وعلى كل فإن مشاهدة الفيلم أكثر من مرة يدفع النقاد بالكتابة عنه من أكثر من وجهة نظر ولذا فإن المساحة المتاحة لنا لم تسعفنا.
التعليقات