رهن الرئيس عبدالفتاح السيسى ترشحه لفترة رئاسية جديدة برد فعل الشعب المصرى تجاه كشف الحساب الذى سيطرحه خلال أسابيع حول ما حققه خلال السنوات الأربع التى قضاها فى سدة الحكم، «بعدها سأقرر هل أترشح لفترة ثانية أم أترك الفرصة لآخرين».
وقال السيسى خلال لقائه بعدد من الصحفيين والإعلاميين المصريين والأجانب على هامش منتدى شرم الشيخ: «بعد تقديم كشف الحساب من حق المصريين أن يختاروا من يأتى للحكم مرة أخرى.. أتمنى لأى شخص التوفيق.. أى حد هيختاره المصريون هنقول له الله يوفقك».
نظريا، ووفقا لحديث السيسى فى شرم الشيخ، فالساحة مفتوحة أمام من يرى نفسه مؤهلا للمسئولية أن يخوض المعركة الرئاسية القادمة، سواء قرر الرئيس الحالى خوضها أو آثر السلامة واختار البقاء فى صفوف الجماهير كناخب فى حال عدم اقتناع المصريين بكشف حسابه المنتظر.
عمليا، كل ما يجرى فى مصر لا يدل على أننا مقبلون على انتخابات تعددية تنافسية، من حق أى مرشح أن يطرح فيها نفسه على الجمعية العمومية للشعب المصرى، فعمليات الاغتيال المعنوى والتشويه الممنهج لكل ما يتجرأ وينتقد السلطة الحالية أو حتى يبدى ملاحظات على أدائها جعلت كل من يفكر فى هذا الأمر أن يراجع نفسه ويتساءل: «ما الذى يدفعنى إلى هذه المواجهة غير المحسوبة؟.. هل ستقف مؤسسات الدولة التى تتهافات لإعلان تأييدها للرئيس الحالى على الحياد؟.. هل سيقرر مجلس النواب إنهاء حالة الطوارئ حتى يتسنى لى مواجهة الجماهير فى الشوراع والميادين لتفنيد ونقض ما سيطرحه السيسى فى كشف حسابه؟.. هل ستنقل وسائل الإعلام التى جرى تأميم معظمها أخيرا رد فعل الشارع الحقيقى على كشف الحساب المنتظربشكل حيادى وموضوعى؟.
أى مواطن يملك بعضا من منطق، سيجيب على تلك التساؤلات بـ«لا»، ومن ثم فقرار الشخص الطبيعى الذى يتحسب خطواته أن «الترشح فى هذه الأجواء هو ضرب من جنون»، لاسيما أن آلات النفخ الفضائى تم ضبطها لتعزف نشيد الإنجازات التى لم يتمكن كل رؤساء مصر مجتمعين من تحقيقها مع لحظة إعلان السيسى عن كشف حسابه، وتصب لعناتها على كل من تسول له نفسه ويشكك فى الأرقام والمشروعات التى سيتضمنها هذا الكشف.
ما سبق ليس دعوة لليأس أو الانسحاب وترك الساحة خالية لمرشح واحد، لكنها دعوة لتأمل المشهد وإعادة النظر فى مناقشة ضمانات نزاهة العملية الانتخابية قبل التعجل واتخاذ قرارات من شأنها ترسيخ استمرار حالة «شبه الدولة».
باليقين طرح المحامى خالد على تلك الأسئلة على نفسه وعلى فريقه قبل إعلان خوضه المعركة الرئاسية الأسبوع الماضى، وأعلم أنه يعلم أن الأوضاع أسوأ بكثير مما أستطيع أن أنشره فى تلك المساحة.
وفقا لما نُقل عن مقربين للمرشح المحتمل فإن هدفه من الترشح هو «استغلال الحملة الانتخابية فى فضح مساوئ وخطايا السلطة أمام الشارع وجرها إلى خناقة سياسية تفتح المجال العام وتخلخل قبضتها وتهيئ الرأى العام للخطوة المقبلة»، لكن ألم يفكر خالد فى أنه قدم من حيث لا يعلم هدية للرئيس الحالى وفريقه!، ألا يعلم خالد أن عملية البحث عن منافس لا يشكل خطورة حقيقية على النظام صعبة ومتعثرة!.
لا يستطيع أحد أن يصادر على حق خالد وفريقه فى استكمال المشوار الذى بدأوه، لكن عليهم الحذر من أن يتحولوا دون قصد إلى دمى يحرك خيوطها لاعبون مستترون، بهدف تسلية الجمهور وإيهامه بأن ما يجرى على المسرح معركة حقيقية.
قرار خالد بالدخول فى تلك «الخناقة» شجاع، ومبرراته مشروعة، لكن عليه أن يكون جاهزا من الآن ببيان تراجع مسبب يعلنه فى الوقت المناسب قبل أن يلقى بنفسه فى محرقة «العرس الديمقراطى».