السياسة «الخاطئة» - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السياسة «الخاطئة»

نشر فى : الأربعاء 11 ديسمبر 2013 - 7:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 ديسمبر 2013 - 7:50 ص

تفشى العنف بالجامعة يبعث على الأسى. بدلا من أن يشغل موضوع تطوير الجامعة الرأى العام، أصبحت صور العنف تهيمن على المشهد.

هل ما نراه «وعى طلابى» حقيقيا يريد التغيير السياسى أم أنه توظيف لطاقات طلابية فى صراع سياسى؟

إننى أتفهم أن يكون للطلاب دور فى المسألة الوطنية، والتغيير السياسى فى مجتمعهم انطلاقا من وعى عام، يتلاقون خلاله مع القوى السياسية، والتكوينات العمالية، والحراك الشعبى العام. تظاهر الطلاب المصريون ضد الاحتلال البريطانى، وتلاقوا مع العمال فى المظاهرات الرافضة للأحكام المخففة التى صدرت على المتسببين فى نكسة 1967م، وثاروا ضد الرئيس السادات عام 1972م عندما لم يوف بتعهداته وقتئذ فى عام الحسم فى مواجهة العدو الإسرائيلى. وهناك أمثلة عديدة على مشاركة الطلاب المجتمع فى تطلعاته تجاه الحرية، والمساواة، والديمقراطية.

الطلاب لهم دور نضالى فى قضايا وطنية تلتقى عندها الأمة بأسرها وليس فى صراعات سياسية تدور حول السلطة، وحواشيها. هنا أعود إلى عبارة شهيرة أطلقها تروتسكى معلقا على دور الطلاب فى الثورات: «عندما ترفض البرجوازية بعناد حل المشكلات الناجمة عن أزمة مجتمعها أو عندما تكون البروليتاريا غير مستعدة للقيام بهذه المهمة، غالبا ما يتصدى الطلاب لحلها».

هذه الحالة تلخص اشتراطات أن يكون للطلاب دور فى المشهد العام، وهو إصلاح أزمة المجتمع عندما تكون الطبقة المهيمنة رافضة للإصلاح، والطبقة المسحوقة غير جاهزة لتحمل مسئولية النضال، يتقدم الطلاب الصفوف. السبب واضح أن الطلاب هم صغار السن، لديهم طاقة ومثالية فى التوجه، والوجود بأعداد كبيرة فى سياق اجتماعى معين يخلق حالة من الوعى، والتضامن، والنظرة المشتركة.

الإشكالية فى تحرك طلاب الإخوان المسلمين، وحلفائهم، داخل الجامعة أنه جزء من صراع سياسى وليس نضالا وطنيا يلتقى على أرضيته غالبية المواطنون. الفارق بينهما عريض. الصراع السياسى يرتبط بوجود نزاع على سلطة، أما النضال الوطنى فهو يقوم فى الأساس على اصطفاف القوى الوطنية والشعبية فى سبيل تحقيق غاية مشتركة. نتيجة لذلك تحول المشهد داخل الجامعة إلى عنف بلا وعى. لا يزال من يتظاهر، ويلجأ إلى التعبير العنيف عن موقفه «أقلية» داخل الجامعات مقارنة بأغلبية تؤيد 30 يونيو سواء فى أوساط الطلاب أو فى المجتمع. المسألة ليست أعدادا أو أرقاما، لكنها فى الأساس مدى تعبير الحركة الطلابية عن وعى عام فى المجتمع، ووعى خاص لدى أبناء الجيل نفسه. كلاهما غير متحقق، ولا يعدو الأمر سوى توظيف أدوات طلابية فى صراع على سلطة أو فى تحسين شروط التفاوض على المدى البعيد.

المحصلة النهائية مغايرة حتى الآن: مواجهات بين الطلاب والأمن دون أن يكون لها مردود على المجتمع بما يدعم موقف الإخوان المسلمين أنفسهم، بل على العكس يزيد من حالة الاستياء لدى المواطن العادى الذى يريد عودة الهدوء، وانتظام الحياة، واختفاء أخبار العنف.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات