قبل أن نقع فى الفخ الأمريكى! - محمد عصمت - بوابة الشروق
الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 7:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن نقع فى الفخ الأمريكى!

نشر فى : الإثنين 12 أبريل 2021 - 7:00 م | آخر تحديث : الإثنين 12 أبريل 2021 - 7:00 م
تحولات استراتيجية هائلة تنتظرنا ــ أو بالأحرى ستكون سيفا مسلطا على رقابنا ورقاب أجيالنا القادمة إلى الأبد ــ إذا تمكنت إثيوبيا من تنفيذ خططها بالملء الثانى لخزان سد النهضة فى يوليو المقبل بصورة أحادية، فلأول مرة فى التاريخ وإلى الأبد ستتحكم إثيوبيا ومن يقف وراءها فى حياتنا ومستقبلنا وقرارنا الوطنى بل وفى وجودنا نفسه.
الملء الثانى سيشل أى قدرة لنا على تدمير السد الذى سيصبح سلاحا فتاكا فى يد إثيوبيا، سيجعلها القوة الإقليمية العظمى فى المنطقة، ووكيلا عن إسرائيل وأى قوى غربية لضرب أى توجهات سياسية نفكر فى اتخاذها، سنصبح بعد أن تنشئ أديس أبابا ــ كما أعلنت ذلك صراحة ــ عشرات السدود الصغيرة عبر أراضيها «عبيدا» لدى إثيوبيا و«أسرى» لدى إسرائيل، الدول العربية بعد ما حصل فى العراق وسوريا وليبيا لن تكون أكثر من مجرد دويلات لا حول ولا قوة لها، كل منظومة القومية العربية بكل أوجاعها وأحلامها ستصبح فى خبر كان وسيتبدد أى أمل فى إصلاحها، محيطنا الإفريقى سيضيع من بين أيدينا، نفوذنا الدولى والإقليمى سيكون مجرد ذكريات تثير البؤس والأحزان والبكاء على الأطلال، قرارنا السياسى لن يكون ملكنا، هويتنا الثقافية وتأثيراتنا الفكرية لن يكون لها محل من الإعراب، وهو ما يفرض علينا أن نعيد النظر فى آليات صنع القرار السياسى التى كنا نتبعها خلال السنوات الأخيرة.
هذا الملء الثانى لن يكون مجرد تخزين 13 مليار متر مكعب خلف السد، لكنه سيرسم خرائط سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية جديدة ستكون إسرائيل وتابعتها إثيوبيا لها اليد الأولى والأخيرة عليها.
نحن ندفع الآن بالتأكيد فاتورة أخطاء كارثية ارتكبناها خلال العقود الماضية وكذلك المفاوضات العبثية طيلة 10 سنوات وأكثر مع إثيوبيا، وقعنا معها اتفاق اعلان للمبادئ رغم وجود قرار أممى عام 2014 أصدره الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين بوقف تمويل السد نظرا لخطورته البالغة على الأمن القومى والمائى المصرى، لكننا وقعنا معها فى العام الذى يليه اتفاق المبادئ الذى أعطاها الحق فى أن تفعل معنا وبنا ما تشاء!
ضرب السد وتسويته بالتراب هو الحل الوحيد الذى لم يعد أمامنا غيره مهما كانت التبعات والتحديات أو حتى العقوبات التى سنواجهها، خاصة أن هناك فخا أمريكيا منصوبا لنا الآن بـ«طبخ» اتفاق تقول التسريبات إنه سيعطى لإثيوبيا حق الملء بدون توقيع اتفاق قانونى ملزم، مقابل تعهدها باحترام نصيبنا من المياه، وهو أمر لا يمكن الرهان عليه، لأن سوابق إثيوبيا طوال تاريخها معنا منذ عهد الخديوى إسماعيل وحتى الآن لا تعطى أى سبب للوثوق بها والاطمئنان لتعهداتها بل وحتى أية اتفاقات مكتوبة معها.
محمد عصمت كاتب صحفي