كشفت مليونية الجمعة الماضية، أن المؤسسة الحاكمة فى مصر، والتى يمثلها الآن المجلس العسكرى وحكومة شرف، لن تستطيع أن تحقق أهداف ثورة 25 يناير بالصورة المأمولة، إلا بمشاركة شباب الثورة أنفسهم فى السلطة، بصلاحيات متساوية معهما فى رسم السياسات وإصدار القرارات، بعد أن أصبحت حكومة شرف كالبطة العرجاء مطمعا لكل ذئاب النظام السابق!
فبعد أربعة أشهر كاملة، أدركت حكومة الدكتور عصام شرف أخيرا، أن هناك فرقا كبيرا بين أن تنفذ سياسات إصلاحية، تحاول عبثا إرضاء كل الأطراف.. وبين أن تتبع سياسات ثورية، تهدم كل أركان النظام القديم لتبنى نظاما جديدا، أو على الأقل لتمهد الطريق أمام الحكومة المقبلة، لكى تبنيه على أسس ديمقراطية حقيقية..
وطوال هذه الأشهر، فشل شرف فى التخلص من وزراء النظام السابق فى حكومته، وعجز عن الإسراع فى محاكمة مبارك ورموز المافيا التى سرقت البلد طوال سنوات حكمه، بل وعجز أصلا عن نقل مبارك من مستشفاه السياحى فى شرم الشيخ إلى حيث ينبغى أن يكون فى سجن طرة، كما عجز أيضا عن إعادة الأمن للشوارع، وعن تطهير مؤسسات الدولة من فلول النظام السابق، وعن محاكمة المتهمين بقتل شهداء الثورة بل وعن تعويض اسرهم.. وخلال هذه الاشهر ايضا، لم تخطُ حكومة شرف خطوة واحدة للأمام فى وضع سياسات اقتصادية جديدة ترفع المعاناة عن كاهل الفقراء ومحدودى الدخل، وتضع حدا أعلى وأدنى للأجور.
وقد يقول البعض إن هؤلاء الشباب تنقصهم الخبرة، وإن حماسهم المبالغ فيه قد يؤدى إلى الوقوع فى أخطاء فادحة.. ولكن من قال إنهم سيحكمون وحدهم ؟! ومن قال إنهم سيطيحون بالمجلس والحكومة وسيحتكرون السلطة ؟! ثم ما الذى فعله حكماؤنا من الشيوخ فى حكومة شرف فى تغيير أوضاع الناس للأفضل؟!
أنا شخصيا لا أشك لحظة فى ثورية د.شرف، إلا أن أداءه كرجل دولة لم يكن على مستوى الأحداث، وهو ما يفرض عليه شخصيا السعى لإعادة تشكيل السلطة الحاكمة فى مصر، بمشاركة ممثلى الثوار فيها بعد أن غيروا مسيرة التاريخ فى مصر، وأسقطوا للأبد مفاهيم السلطة المطلقة التى ورثها حكامنا من عصور الفراعنة وكهنتهم، وأعطت لهم الحق فى أن يفعلوا بنا ما تشاء لهم أفكارهم ونزواتهم، وعلينا السمع والطاعة أو الخروج من « جنتهم البائسة»!
الدكتور شرف ليست أمامه إلا هذه الفرصة الأخيرة، لكى يفكر بمنطق الثوار ويتخذ قراراته بمنطق الثوار.. أو ليبقى كرجل دولة لعدة اسابيع، قد تطول لعدة أشهر أخرى فى أفضل الأحوال!